تقع إبيار شمال غرب غرب بحرى محافظة الغربية، تبعد عن القاهرة 120 كيلو وعن الاسكندرية 95 كيلو.
وترجع تسميتها ب “إبيار” إلى العصر الفرعونى، ولما دخل العرب مصر عللوا هذه التسمية بأن هذه المنطقة كانت غنية بالآبار الطبيعية التى يعتمد عليها سكان المنطقة.
ويذكر كتاب المتحف القبطى – لعام 1200 – أن الكنائس الموجودة بناحية إبيار كانت سبعة كنائس وهى: كنيسة السيدة العذراء مريم، كنيسة فلتاؤس، كنيسة أبو ميناء، كنيسة مارجوارجيوس، كنيسة مارجرجس، كنيسة الملاك ميخائيل، كنيسة أخرى للسيدة العذراء. وذكرت هذه الكنائس فى كتاب “الملحقات فى “أسماء البطاركة فى الكنيسة” – لأبى المكارم. أما حاليا لا يوجد سوى كنيسة العذراء مريم الاثرية، ودير مارمينا الأثرى ويبعد حوالى 2 كم عن “إبيار”.
وكانت تعرف أسقفية إبيار قديما بأسقفية “نقيوس” وهى من الأسقفيات القديمة التى يرجع تاريخها إلى العصور المسيحية الأولى وكانت من أكبر أسقفيات وجه بحرى.
مراحل تاريخية مرت على كنيسة العذراء الأثرية بإبيار
مرت كنيسة العذراء مريم الأثرية بمراحل تاريخية متعددة.. ويشير الأنبا بولا – أسقف طنطا وتوابعها، إلى أن الكنيسة مرت بثلاث مراحل هى: المرحلة الأولى حيث كانت المسيحية هى الديانة الغالبة فى مصر، مما أدى إلى إنتشار الأديرة والكنائس فى كل ربوعها، وذلك كان فى القرن الثانى والثالث الميلادى. فكانت إبيار مقر الأسقف وكان يوجد بها ثماني كنائس.
أما المرحلة الثانية فكانت بعد دخول الإسلام مصر حيث تقلص عدد الكنائس ولم يتبقى فى المنطقة سوى كنيسة العذراء إبيار، ودير مارمينا (الحبيس).
وجاءت المرحلة الثالثة منذ سنوات محدودة – منذ سيامة الأب القس بولا صليب – الذى اهتم جدا بالعمل الروحى فى المنطقة ونشر المذابح المتنقلة لخدمة القرويين فى المنطقة، بالإضافة إلى تعاونه مع وزارة الأثار فى تجديد كنيسة السيدة العذراء بصورة لم تشهدها من قبل. ومن محبته وقوة إيمانه وعظمة خدمته للغرباء والفقراء وكل من حوله، تحولت الكنيسة إلى مزار يحضر إليه الكثيرون من كل القطر المصرى..
وصف الكنيسة الأثرية:
ويوضح القس بولا صليب يوسف – كاهن كنيسة العذراء مريم الأثرية – أن من قام بإنشاء الكنيسة، المقدس إسحق يعقوب بمساعدة الكهنة وأراخنة الشعب. وهى صورة مصغرة للكنيسة المرقسية بالقاهرة. وتعتبر من الكنائس الأثرية وتخضع لوزارة الأثار.
يوجد بالكنيسة ثلاث هياكل – الأوسط بإسم العذراء مريم وبه مذبح يتوسط الهيكل، وفى الشرق (فى حضن الاب) أيقونة للسيد المسيح له المجد.. أما الهيكل البحرى، به مذبح بإسم الشهيد العظيم مارمينا، وفى الجهة الشرقية من الهيكل أيقونة للسيد المسيح يحتضن الشهيد مارمينا العجايبى. والهيكل القبلى لا يوجد به مذبح وهو مخصص لمناولة السيدات، وفى الجهة الشرقية منه توجد أيقونة للسيدة العذراء جالسة على كرسى وهى تحمل إبنها الرب يسوع، وفيها يظهر المسيح واضع يده على الكورة الأرضية. ومن هذه الأيقونة المباركة، نضح الزيت فى يوم شم النسيم الموافق 15 أبريل 1996 م
حامل الأيقونات:
ويصف القس بولا.. حامل الأيقونات – الذى يعتبر من الأثار النادرة – بأنه ممتد بعرض الهيكل ومصنوع من الخشب المعشق المطعم بالصدف وعليه نقوش قبطية تشبه قرص الشمس حيث تمثل شمس البر – السيد المسيح له المجد، فيشع بنوره على جميع المسكونة وحوله الإثنى عشر تلميذا. ويمثل الشعب برسم يشبه السمكة التى كانت علامة المسيحية، كما تكرر رسم الصليب وحوله الأربعة المبشرون -متى، مرقص، لوقا، ويوحنا.
أما باب الهيكل، فعليه نقوش جميلة لملاكين، ومنقوش عليه أيضا بعض الكلمات القبطية والعربية، وبجواره شباكان. ويعلو الحجاب أيقونات أثرية للإثنى عشر تلميذا والأنبا بولا والأنبا أنطونيوس، ومارجرجس ومارمينا. وفى الوسط فوق هيكل العذراء أيقونة أثرية للمسيح له المجد، ويعلو حامل الأيقونات منظر للسيد المسيح له المجد مصلوبا وبجواره أيقونتان واحدة للعذراء والأخرى ليوحنا الحبيب.
صحن الكنيسة وثلاث خوارس
وترتفع منطقة الهياكل درجتين عن صحن الكنيسة.. واحدة مستديرة والاخرى مستطيلة .
ويتكون صحن الكنيسة من ثلاثة خوارس. الخورس الأول للشمامسة وفى نهايته من الجهة البحرية أمام هيكل العذراء كرسى لجلوس قداسة البابا المعظم عند حضوره أو نيافة المطران أو أبينا الأسقف عند تواجده.
أما الخورس الثانى فمقام على أربعة أعمدة رخامية جاءت من إيطاليا على نفقة المقدس اسحق يعقوب العتر. وتعلو هذه الأعمدة قبة.
فى سقف هذه القبة توجد أيقونة للسيد المسيح له المجد، وأيقونة لموسى النبى، وأيقونة لإيليا النبى، وأخنوج النبى، ونياحة السيدة العذراء. وتوجد فتحات أو شبابيك في تلك القبة عليها أيقونات من الزجاج المعشق – صنعت سنة 1991 من تصميم دير مارمينا بإبيار. هذا الزجاج المعشق يصور مراحل من حياة السيدة العذراء. ويوجد فى أربعة أركان القبة صور الأربعة المبشرين متى، مرقس، لوقا، ويوحنا. ويعلو هذه القبة صليب يبدو ظاهرا من الأربع جهات.
بالإضافة إلى الخورس الأول والثاني، يوجد الخورس الثالث والذى يوضع به مقاعد للشعب.
ويضيف القس بولا صليب أن الكنيسة ترتفع عن المدخل بسبع درجات سلم إلى ردهة أمام باب الكنيسة وهذه الردهة بها عمودان من الرخام وبها أيقونة للسيد المسيح له المجد وأخرى للسيدة العذراء مريم وأيقونة لميلاد السيد المسيح وأخرى للأنبا انطونيوس والأنبا بولا. وكذلك أيقونة لدخول المسيح أرض مصر، ويتوسطهم الباب الرئيسى للكنيسة.
معمودية حجرية قديمة
كما يوجد بالكنيسة معمودية أثرية قديمة – قبلي هيكل السيدات – وهى من الحجر، لكنها غير صالحة الأن للاستخدام في المعموديات.
وقد أقيمت معمودية جديدة تتفق مع الوضع الطقسى للكنيسة وتقع فى الجهة البحرية الغربية من الكنيسة، وقد قام الحبر الجليل الأنبا بولا بتدشينها يوم عيد العذراء حالة الحديد فى 28 يونيو 1990 م.
الأيقونات والمخطوطات ومقتنيات ثمينة:
ويكشف إميل صبحى – خادم بكنيسة العذراء مريم الأثرية، عن أن الكنيسة بنيت فى أواخر القرن ال 18. وقد تم بنائها على أنقاض كنائس أثرية أخرى، ومن هنا تم أخذ الكثير من الأيقونات الأثرية من تلك الكنائس – منها أيقونة للسيد المسيح، أيقونه للصلب، أيقونة لدفن السيد المسيح، أيقونة للقيامة، ايقونة للسيدة العذراء، أيقونة بشارة الملاك ميخائيل، أيقونة لبشارة الملاك غبريال للسيدة العذراء، أيقونة للشهيد العظيم مارمينا.
كما أن الكنيسة غنية بالمخطوطات منها القطمارس الدوار للقراءات اليومية – قبطى وعربى، الابصلمودية المقدسة وبدايتها مرسوم عليها صلبان منقوشة بنقوش قبطية، كتاب الخدمات الطقسية وفى بدايته نقوش بالصلبان، ميامر مختلفة، تفاسير لبعض أسفار الكتاب المقدس.
وتضم الكنيسة فى مزار خاص عدد هائل من رفات الأباء القديسين الأبرار. هذا إلى جانب أنبوبة تحتوى على جزء من خشبة صليب مخلصنا الصالح، وأنبوبه أخرى تحتوى على جزء من زنار السيدة العذراء مريم.
معجزات وظواهر روحية
وعن الظواهر الروحية المرتبطة بالكنيسة، تحدث الخادم أميل صبحى قائلاً: “إن الكنيسة ترتبط بالكثير من الظواهر الروحية.. منها أولاً ظاهرة نزول الزيت من أيقونة للسيدة العذراء الجالسة على كرسى وهى تحمل إبنها الرب يسوع، فى 14 أبريل 1996، حيث أن عدد كبير من الشعب والكهنة شاهدوا الأيقونة تنضح أثناء التماجيد والترانيم زيت كقطرات عرق، وتتجمع وتتضاعف تدريجيا حتى تسيل من مختلف أجزاء الأيقونة. ولقد تم تمجيد اسم الله بشفاء الكثير من الأمراض المستعصية، حيث تجرى عجائب كثيرة بواسطة هذا الزيت المبارك حتى يومنا هذا.
ثانيا: ظهورات روحانية مصاحبة لظهور السيدة العذراء أغلبها ظهور حمام نورانى روحانى فى سماء الكنيسة..
أما الظاهرة الثالثة فهى زيارة الأباء السواح للكنيسة، حيث قام الأباء السواح بعمل القداس الإلهى على مذبح الكنيسة وأكد ذلك الذين عاينوا ما خلفه هؤلاء السواح من آثار تؤكد زيارتهم للكنيسة وتقديسهم للقربان.. منها وجود أوانى المذبح مبللة بالماء، ووجود قربانة على مذبح الكنيسة، فيوجد بمزار الكنيسة قربانة تركها الأباء السواح بالكنيسة فى يونيو 1999 وهى بحالتها حتى الأن.
أعياد السيدة العذراء
ويضيف الخادم أميل صبحى، أنه بخلاف الأعياد المسيحية التى تحتفل بها كافة الكنائس، تحتفل الكنيسة بصفة خاصة بنهضات روحية – تحت رعاية نيافة الحبر الجليل الأنبا بولا – خاصة أعياد السيدة العذراء ومنها: عيد العذراء مريم (أول بشنس)، وعيد دخولها الهيكل (3 كيهك)، وعيد نياحتها (21 طوبة) ، وأيضا عيد السيدة العذراء مريم حالة الحديد، وكذلك نهضة صوم السيدة العذراء (من أول مسرى إلى 15 مسرى) وتنتهى بعيد صعود جسد العذراء إلى السماء (16 مسرى). كما تقيم الكنيسة سهرة روحية حتى الصباح فى كل ليلة 21 من الشهر القبطى تنتهى بالقداس الإلهى.