البكتيريا النافعة.. حماية وعلاج ضد الأمراض

01:04 صباحا
قراءة 5 دقائق
البكتيريا النافعة هي كائنات حية دقيقة أحادية الخلية تتمثل في العديد من الأشكال مثل المكورات والعصيات والحلزوني، وهي تجتمع مع بعضها وتأخذ أشكالاً متعددة كشكل العقد، فتسمى مكورات عقدية أو مكورات عنقودية، وتتراوح أبعادها بين 0.5-5 ميكرومتر. تعتبر البكتيريا من أول أشكال الحياة التي ظهرت على سطح الأرض وهي تنتشر في جميع مواطن الأرض، كما أنها تستوطن في التربة والماء وينابيع المياه الحارة الحمضية والكبريتية. وللبكتيريا تأثير كبيرٌ على الحياة اليومية بالرغم من كونها كائنات لا تُرى بالعين المجردة.
وكثير من الناس على اطلاع واسع بالجوانب السلبية التي قد تسبّبها للإنسان، مثل الأمراض التي تنجم عنها والتي غالباً ما تكون أعراضها شديدة الخطورة وتتطلب علاجات مكثفة في الغالب، إلا أن البكتيريا في الحياة لا تقتصر على الجوانب السلبية، بل إنّ لها دوراً جوهرياً في حياة الإنسان بحيث لا يستطيع العيش على سطح الأرض بدونها.
يتمثل أبرز دور للبكتريا في كونها جزءاً لا يتجزأ من دورة المواد والعناصر المختلفة على سطح الأرض، حيث تقوم البكتيريا التي تستوطن المحيطات والتربة بتفكيك المواد العضوية المختلفة الموجودة في تلك المناطق وتحولها إلى مواد أساسية يصعد بعضها إلى الهواء، وبعضها يبقى في التربة فيزيد من خصوبتها، وتعمل البكتيريا على توفير السماد الطبيعي للنباتات الموجودة في التربة، وتعمل البكتيريا الموجودة في المياه على تنظيف المياه وتنقيتها من المواد العضوية وغير العضوية التي قد تسبب تلوّثاً فيها.
وتتجلى أهمية البكتيريا في الاستعمالات العديدة والمختلفة في حياة الإنسان وفي الصناعات المختلفة، إذ إنها تدخل في تصنيع المواد الغذائية التي يستهلكها الإنسان على نحو يومي، مثل البكتيريا التي تقوم بتحويل الحليب إلى مشتقاته المختلفة، فبعض أنواع البكتيريا تساعد على تحويل الحليب إلى الزبدة واللبن والجبن وغيرها. وتلعب البكتيريا التي تستوطن جسم الإنسان دوراً مهماً في حياته، فليست جميعها من النوع الذي يسبب الأمراض، إذ إنّ البكتيريا الموجودة داخل الجهاز الهضمي تعمل على تحليل المواد الغذائية التي تدخل الجسم فتساعد بذلك على عملية الهضم.
يحتوي جسم الإنسان على نسبة متوازنة من البكتيريا النافعة والضارة، بحيث تقوم البكتيريا النافعة بحماية الجسم من الإصابة بكثير من الأمراض التي قد تنشأ عن نقص في البكتيريا النافعة أو تكاثر البكتيريا الضارة بما يفوق نسبة البكتيريا النافعة، وذلك نظراً لوظائفها العديدة والمهمة التي تقوم بها، وإذا ما حدث تغيير في النسبة الطبيعية للبكتريا النافعة فإن ذلك يقلل من كفائتها الوظيفية، ممّا يؤثر سلباً في جهاز المناعة فيضعف أداءه الوظيفي وتتضاعف احتمالية الإصابة بكثير من الأمراض. تستوطن البكتيريا النافعة في عدة أماكن في الجسم كالأمعاء وبخاصة الدقيقة منها، وكذلك في رحم المرأة وعند الأطفال والرضع.
فوائد البكتيريا

تتجلى فوائد البكتيريا النافعة في تصنيع العديد من الفيتامينات، وخاصة فيتامين «ب»، وهو مجموعة من الفيتامينات الذوابة في الماء، وتلعب دوراً مهماً في استقلاب الخلية. تتمثل أبرز الفيتامينات التي تقوم البكتيريا النافعة بتصنيعها فيتامين «ب1» و«ب2» و«ب3» و«ب5» و«ب6» و«ب12»، إضافة إلى فيتامينات «أ» و «ك» ومادة الـ«بيوتين»، والتي تفيد في تصنيع مكونات الدم وتجديد خلايا بطانة القناة الهضمية، كما أنها تقوم بهضم بعض المكونات الغذائية غير القابلة للهضم، وتقوم بتحويل السكريات إلى أحماض دهنية قصيرة السلسلة، فضلاً عن أنها تحارب بعض حالات العدوى التي تصيب الجهاز البولي أو التناسلي أو الهضمي، فهي تمنع تكاثر بكتيريا السلمونيلا، وهي نوع من العصيات المعوية التي تنتج كبريت الهيدروجين، علاوة على بكتيريا الـ«شيغيلا» التي تنمو في وجود أو عدم وجود الأكسجين، والتي غالباً ما تتواجد في البراز وترتبط ارتباطاً وثيقاً بجرثومة الـ«إيكولاي» التي عادة ما تصيب القناة الهضمية للإنسان.
كما أن البكتيريا النافعة تسرّع عملية الشفاء من حالات الإسهال الناتجة عن بعض حالات التسمم الغذائي، علاوة على دورها الفاعل في تحفيز الجهاز المناعي، إذ إنّها تعمل على زيادة عدد الخلايا المناعية في الجسم وتفيد في إنتاج حمض الـ«لبنيك»، وهو مركب كيميائي مهم في العديد من العمليات الكيميائية الحيوية، ويحارب البكتيريا الضارة. كما أن تلك البكتيريا تمنع نمو وانتشار الفطريات التي تتواجد في الفم أو الرحم أو الجهاز الهضمي، وتقلل التفاعلات الالتهابية التحسسية عن طريق تثبيط استجابة الأمعاء للأطعمة المسببة للحساسية.
وتتمثل العوامل التي تؤثر في البكتيريا النافعة في تغير طبيعة الأكل وتغير المكان، واعتماد المضادات الحيوية للعلاج والإصابات المتكررة للأمراض. وفي هذا الصدد، تزايدت الأبحاث حول أهمية البكتيريا النافعة، فتوصل الباحثون لأنواع من العلاج تعتمد في المقام الأول على البكتيريا النافعة، وحيث إنها كائنات حية دقيقة، فإنه وعند تزويدها للجسم بكميات كافية، فإنها تساعد على استيطان القناة الهضمية بالأنواع الصحيحة من الكائنات الدقيقة، وتحدث أثراً صحياً مهماً على الجسم. ويمكن الحصول عليها عن طريق مكملات تباع في الصيدليات أو عن طريق الغذاء، وهناك أنواع من الخمائر والفيروسات المهمة، والتي تعتبر أيضاً محفزات حيوية. وقد كشفت نتائج الأبحاث عن الاستعمالات الطبية النافعة لهذا العلاج، فقد ركز البحث الحديث على البيولوجيا الجزيئية وعلم المورثات للاكتوباسيلوس (العصيات اللبنية) على تفاعلات تلك البكتيريا مع جهاز المناعة، وإمكانية محاربتها للسرطان، وإمكانية المعالجة الحيوية في حالات الإسهال المرتبط بالمضادات الحيوية وإسهال الأطفال ومرض القولون الالتهابي.
استخدامات الـ «بروبيوتك» العلاجية

يستخدم علاج الـ«بروبيوتك» لعلاج آلام المعدة التي تصيب الرضع من عمر يوم إلى 6 أشهر، وفي حالات الإسهال الحاد والمزمن، ويشمل ذلك الإسهال البكتيري والفيروسي والطفيلي، حيث إنها تحتوي على مادة تثبط البكتيريا وتمنع نموها وتقلل من حدة الفيروسات أيضاً. ويستخدم أيضاً لعلاج جرثومة المعدة وتقلل من حدة الآثار الجانبية للمضادات الحيوية. كما يستخدم الـ«بروبيوتك» لعلاج الإمساك الوظيفي، وقد يكون علاجاً وقائياً للأطفال غير مكتملي النمو والذين يبلغ وزنهم أقل من كيلوجرام واحد للوقاية من مرض تقرح الأمعاء، وهو علاج وقائي لكل مولود في الأشهر الـ 3 الأولى من العمر لتقوية المناعة وتقليل حدة وتكرار حالات الإسهال والارتجاع والإمساك، كما أنها تؤثر إيجاباً في الصحة العامة لجهاز الطفل الهضمي.
الأضرار والاحتياطات

يعتبر علاج الـ«بروبيوتك» آمناً بشكل عام، وينصح به للغالبية العظمى من الناس، وليس له أي تبعات تذكر، بيد أنه قد ينجم عن استخدامه إنتاج مستوى أكبر من الغازات، وتلبك خفيف في البطن لدى البعض، وذلك خلال أول أيام العلاج حتى يتأقلم الجسم، وبعد ذلك تبدأ فاعلية العلاج، ويلحظ المريض بعد ذلك تحسناً واضحاً في الجهاز الهضمي عما كان عليه قبل العلاج. ولكن ينبغي الحذر عند استخدام هذا العلاج في فئة معينة من المرضى، نظراً لأن العلاج بالـ«بروبيوتك» يمكن أن يؤدي إلى كثير من المشاكل الخطرة لمن يعانون ضعفاً في المناعة مثل مرضى الإيدز، فحينها يكون لزاماً على أي شخص يعاني مشكلة صحية مزمنة خصوصاً، فيما يتعلق بالمناعة، استشارة الطبيب قبل البدء بهذا النوع من العلاج.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"