هناك فرق يصعب على معظمنا ملاحظته بين النقد من جهة والتطاول والتجريح من جهة أخرى..
فالنقد يعني تقييم العمل (بمعزل عن صاحب العمل) بطريقة منهجية من إنسان متخصص..
أما التطاول ف(قلة أدب) تتجاوز الإنجاز إلى صاحب الإنجاز وتأتي غالباً من شخص لا يملك علماً أو خبرة تؤهله للنقد أو تفنيد الحجج.
النقد بطبيعته منهجي ومجرد ويتناول كافة الأوجه، أما التطاول فرد فعل عاطفي منحاز يختار جزئية أو وجهاً واحداً يؤكد مواقف وأفكاراً مسبقة!!
الفرق بين النقد والانتقاد أن الأول فعل غير منحاز يوضح الإيجابيات والسلبيات دون اتهام أو تقريع أو اعتداء (ومثال ذلك نقد بعض أقوال الفقهاء) في حين أن الانتقاد يهتم أكثر بتصيد الأخطاء والجوانب السلبية دون تصويب أو تبيان للحقيقية ويتوجه غالباً لذم أو انتقاص صاحب العمل ذاته..
والنقاد عموماً لا يجيدون غير النظر للجانب السلبي (وهو جانب متوقع في أي عمل) وبالتالي لا يضيفون شيئاً لمسيرة الإبداع الأصيل.. لهذا السبب لا يتذكرهم الناس، ولا يحتفظ التاريخ بأسمائهم، ولا تجد لهم مكاناً في متاحف العظماء!!
... أما الأسوأ من النقد والانتقاد والتطاول فهو فعل كل ذلك تحت غطاء "النصيحة" لوجه الله..
حين يضع الناصح نفسه في موضع الرسمي أو المقدس أو الصفوة التي لا يجوز نقدها أو حتى مناقشتها حتى من خلال النصوص الشرعية أو المدارس الفقهية الأخرى!!
... وبطبيعة الحال هناك من سيقول (الدين النصيحة) وقالوا في الأمثال (النصيحة بجمل).. غير أن هناك أيضاً من اتخذ من الأمر رخصة عمل وأسلوب حياة بحيث خلط النصيحة بالتشهير، والإكراه بالتدخل في شؤون الآخرين.
... الأصل أن للنصيحة شروطاً وضوابط (لو طبقناها) لتقلص حجمها إلى نسبة ضئيلة مما نراه في مجتمعنا هذه الأيام.. فالنصيحة مثلاً يجب أن تأتي من عالم أو متخصص، في مخالفة صريحة ومتفق عليها.. لا يجب أن توجه بالاسم (اقتداء بفعل المصطفى صلى الله عليه وسلم: مابال أقوام يفعلون كذا وكذا) بل أن تتركز على المشكلة وأصل الفعل وليس على الفاعل أو على حساب سمعته وكرامته..
والحقيقة هي أن عدم تربيتنا على نقد الذات (مقابل شغفنا بانتقاد الآخرين) هو ما حوّلنا إلى مجتمع من الواعظين والمتناصحين دون تطبيق ما نقوله فعلاً.. عقلية الوصاية التي نفرضها على غيرنا شغلتنا عن أنفسنا فتحولنا لبلد المليون واعظ دون أن نتعظ فعلاً.. فحين يضع كل إنسان نفسه في موضع الناصح الأمين يحق لنا أن نتساءل أين ذهب إذاً كل الفاسدين والمقصرين في هذا البلد..
أقترح أن نتوقف عن الانتقاد قليلاً، ونتأمل داخلنا كثيراً، ونترك مالا يعنينا إلى الأبد..
ففي النهاية من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه.
1
حمد
2015-10-11 18:28:02شكراً, أستاذ فهد, أخذت باقتراحك وتوقفت عن الانتقاد, وتأملت داخل نفسي قليلاً فوجدت أن عدد عيوبي أكبر من عدد شعر رأسي (الغير أصلع) وعلى ذلك عاهدت نفسي أن أترك العباد لرب العباد إلى الأبد.
2
متعب الزبيلي
2015-10-10 19:54:38كلام سليم ( لكن ) لتؤذي وهذا مثلاً مشاعري ياهذا او ذاك بحكم امتلاك مكانه مفروضة ( وتأخذ راحتك تجريح وتشكيك وووالخ، وبالتالي تريدني مؤدب كما تنظر انت لناقدك بأنهُ قليل أدب وحياء وذوق ) قبل ان اكتب اول حرف، علي اذا ان اعمل بمبدأ احترام مشاعر وخصوصيات الاخرين، وان لا ادع مجال للمتصيدين ولا لمن ضايقتهم بالتجاوز عليهم وهذ ليس شخصيا وانما للتجاوز مئات الطرق ( هو نحن من نسمح للأخرين بمسنا ) وايضا خيار شخصي ان لاندع مجال لأي من يكون ان يتعرضنا..يتولد التجريح من ذاته المقابل، وهذا لا يحتاج لشاهديين
3
تمام
2015-10-10 18:09:07والله يابو حسام ياليتك تعلم نفسك. في ختام كثير من مقالتك انتقاد مشوب بالسخرية من بعض سلوكيات او قناعات المجتمع.
4
alinaqeeb
2015-10-10 16:38:15يا أستاذ/ فهد، لو أنك تركت ما لا يعنيك واشتغلت بما يعنيك، وتوقفت عن النصيحة والانتقاد لما وجدت ما تكتبه كل صباح، لأنك غالباً ما تختم مقالاتك بنصيحة، ولانشغلت فقط في ما أنت متخصص فيه وهو الكتابة، فتجد نفسك تكتب حول الكتابة فقط. قبل أيام كنت تتحدث عن إخراج المواشي من جزيرة العرب، فما هو تخصصك بالتحديد؟!
5
سعيد
2015-10-10 16:28:56قل الحق ولو على نفسك.. لو طبقنا هذا المفهوم لتجنبنا الكثير من الجدل العقيم وتشويه الحقائق او ان نهرف بما لا نعرف.
6
أبو لبابة
2015-10-10 16:17:04النقد هو تمييز الجيد من الرديء وهو تقييم وتفسير الأعمال والحكم عليها وإبراز المحاسن والحث عليها و إبراز المساويء والأخطاء وضرورة تجنبها، وهناك النقد البناء الذي يدعو للتطوير وهناك النقد الهدام الذي لايري حسنات في أي عمل ويثبط أي همة
7
نواف
2015-10-10 15:10:39الحق هذا بمقال عن مفهوم القبعات 6 لادوارد دي بونو ليتعرف القارئ على أنماط التفكير ويربط بين النقد والانتقاد وغيرها من أساليب الاتصال والنقاش وهذه الأنماط. نحن نأتي الى طاولة النقاش بفكر وعقلية المصارع الذي لا يرى أمامه الا الفوز أو الهزيمة. الفوز في النقاش يتحقق عندما تقنع الآخرين برأيك لا بفرضه.
8
كيف نؤهل كتابنا !!
2015-10-10 14:41:35كما تدين تدان بعض مستكتبين يرى بنفسه قمة الكمال وبغرور حسنين هيكل يهذر طول عمره ويجتر قصص وهمية ومن لايسايره يحقد عليه وكذا نخب الشيوعية لايرون الامايرى لينين لنفسه احترموا فكر اخرين و نقدهم لاعلام مغرور شللي منتقدللثوابت عنوة ولايتطرق لاسن الليرالية الوعي العام تجاوز التضليل وتزوير الوعي
9
د. عبد الرحمن
2015-10-10 14:39:46تعقيب على تعليق سيف الحق : الآية ليست كما أوردتها يا أخي، صحتها (( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به ))
10
د.سعد بساطة/استشاري
2015-10-10 14:00:46أثبتت الأزمات بيم الشعوب والجكومات خطأ العبارة ((صديقي من أهدى إليّ عيوووبي))!
11
sami qaz
2015-10-10 13:49:48يوجد ناس في الانترنت يقولون انهم ينتقدون السعوديين وفي الحقيقة هم يسبون ويشتمون ويقذفون السعوديين بأقذع الكلمات
وذلك بسبب عنصريتهم وحقدهم على السعوديين
12
Abu mazen
2015-10-10 13:24:49كما ان الانتقاد يجب ان يكون للفعل وليس للشخص فقد يكون شخص محترم ولكن صدر منه تصرف غلط بدون قصد لاتحكم عليه
بعدم الصلاح.
13
Abu mazen
2015-10-10 13:12:49أسعد صباحك أبو حسام
فعلا الدين النصيحه ولكن للأسف الشديد بعض الناس لايدرك ذلك
فتجده ينتقد الاخرين بشكل مزعج في المجالس والتجمعات وهو
لديه عيوب لايراها فقد قيل [ لسانك لاتذكر به عورة امرءا فكلك
عورات وللناس السن] فالواجب قبل انتقاد الناس ان تنظر الى نفسك وتحاول إصلاحها.
14
سعيد7
2015-10-10 13:09:19الامر القرآني جاء بالنهي عن "المنكر" وليس النهي عن "الخطأ"، فما بالك بالقضايا الخلافية. ولكن لكونها خلافية بين المدارس الفقهية اصبحت مهمة لدى اتباعها المتشددين ! حسبنا الله عليهم !
15
حماد الحربي
2015-10-10 12:31:23والحقيقة هي أن عدم تربيتنا على نقد الذات (مقابل شغفنا بانتقاد الآخرين) هو ما حوّلنا إلى مجتمع من الواعظين والمتناصحين دون تطبيق ما نقوله فعلاً.
16
ماجد
2015-10-10 12:27:40اذا اترك يافهد مالا يعنيك
17
فيحان
2015-10-10 12:16:55ابدعت طال عمرك بعرضك التحليلي وشرحك التفصيلي أعلاه شكرا لك دائما شي طيب وبالله التوفيق.
18
حسن أسعد سلمان الفيفي
2015-10-10 10:53:39ترك المرء ما لا يعنيه يعني يصبح المجتمع عبارة عن حالة جامدة لا بد من الانتقاد عمل الأمن البلدية الصحة الإعلام المجتمع نقد ذاتي ونقد الغير الماء الراكد يعني حياة راك دة مريضة
19
ابوفهد
2015-10-10 10:01:56بارك الله فيك استاذي اباحسام
20
saifalhaq
2015-10-10 09:50:32وهذا هو حديث الناس..
لو ان الناس يطبقون ما يقولونه في تويتر والفيسبوك والواتس اب لصافحتهم الملائكة.
وسبقهم الى ذلك قوله تعالى: ((ولوانهم يفعلون ما يوعظون به لكن خيرا لهم)).