هل كانت كواكب يوسف (ع) كواكب المجموعة الشمسية ؟ / السيدعبدا - جمعية الفلك بالقطيف

هل كانت كواكب يوسف (ع) كواكب المجموعة الشمسية ؟ / السيدعبدالأمير المرتضى المؤمن الغريفي - باحث فلكي وعضو الجمعية

هل كانت كواكب يوسف (ع) كواكب المجموعة الشمسية ؟

من خلال متابعاتي الفلكية والقرآنية وجدتُ من الضروري الحديث او محاولة الاجابة عن التساؤل التالي :

هل كانت كواكب النبي يوسف (ع) الأحد عشر كوكباً المذكورة في القرآن الكريم بقوله تعالى : { إذ قال يوسف لأبيه يا أبت اني رايتُ أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين }1 هي كواكب المجموعة الشمسية نفسها ؟

والذي عزز اهتمامي في الكتابة عن هذا الموضوع او هذه الاشكالية هو الاستفسارات العديدة التي وردتني راغبة توضيح العلاقة بين كواكب يوسف والكواكب السيارة الحالية ، والكتابات العديدة التي ربطت بين النص القرآني والفلك الحديث ، ومن ذلك اعتقاد الاستاذ الدكتور زغلول النجار ان الكواكب السيّارة أصبحت اليوم أحد عشر كوكباً ، والحادي عشر هو ( سيدنا ) sedna الذي اكتشف سنة 2003م ، وهي مساوية لكواكب يوسف النبي (ع) .

يقول الدكتور زغلول النجار : " من الاشارات الكونية التي ذكرت في سورة يوسف الاشارة الى عدد كواكب مجموعتنا الشمسية الأحد عشر بدقة بالغة ، فليس من قبيل المصادفة ان يكون عدد اخوة يوسف (ع) احد عشر ، ويكون عدد الكواكب في مجموعتنا الشمسية بالعدد نفسه . وان يرى نبي الله يوسف رؤياه احد عشر كوكباً والشمس والقمر له ساجدين وان تتحقق هذه الرؤيا بسجود اخوته الاحد عشر وابويه له يوم جمعهم الله تعالى على ارض مصر بعد طول فراق " 2 .

ثم يقول : " وعلى ذلك فان قول ربنا ( تبارك وتعالى ) على لسان عبده ونبيه يوسف (ع) : { يا أبت اني رأيتُ أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين } فيه سبق زمني بأكثر من أربعة عشر قرناً بحقيقة علمية لم تصل اليها العلوم المكتسبة إلاّ في سنة 2003 م وبعد مجاهدة استغرقت آلاف العلماء لمئات السنين " 1 .

وحول الكواكب في القرآن الكريم وتحت عنوان : " هل وردت الكواكب السيارة في القرآن ؟ تحدثتُ في موسوعتي ( الموسوعة الفلكية الكبرى ) المكونة من ثلاثة أجزاء ، والتي ستصدر قريباً ان شاء الله من بيروت ، ذكرتُ : ان القرآن الكريم اورد مواد سماوية متنوعة ، أورد أجراماً سماوية وظواهر كونية عديدة، كالشمس والقمر والنجوم والشهب وغيرها، فهل أورد بين ما أورد ذكراً أو إشارة أو تلميحاً للكواكب السيّارة planets التي كانت تعرف في التراث الفلكي القديم بـ(السيّارات)؟

وهنا لابد من القول أولاً:

إن ذكرها ليس هدفاً قرآنياً. وإنما هي مادة علمية ضمنية أو ترد شواهد لأهداف قرآنية محددة، فإذا اقتضاها السياق والهدف أوردها القرآن الكريم وإن لم يقتضها فلا يوردها، حالها حال الشواهد والمواد العلمية الأخرى التي وردت في القرآن الكريم.

ومن الجانب الثاني:

إذا اقتضاها السياق والهدف القرآني فليس بالضرورة ان ترد في آيات القرآن بلفظها الاصطلاحي المعروف قديماً (السيارات) أو الحديث (الكواكب السيّارة)، وإنما يمكن ان تكون بالإشارة أو التلميح أو من خلال السياق أو بما يدل عليها.

ومن الجانب الثالث:

يعتقد البعض أن (الكواكب السيّارة) وردت في القرآن الكريم من خلال تعبير (الكوكب) أو (الكواكب) الواردتين في بعض الآيات القرآنية قائساً اللفظ (الكوكب أو الكواكب) على المصطلح الفلكي الحديث الذي يعرّف الكوكب: ((جرم يدور حول الشمس أو حول أي نجم آخر وعادة ما يتألق من انعكاس الضوء عليه))([1]). غافلاً (هذا البعض) أنَّ تعبير (الكوكب) عند العرب قديماً وفي تراثنا الفلكي الإسلامي يدل على النجم السماوي كالشعرى والدبران والسماك وغيرها من النجوم، إلا إذ قيّد (الكوكب) بالسيّار أو المتحيّر وما شابه ذلك، وفي العموم يُطلق على الكواكب السيّارة (السيارات).

وحول معنى الكوكب في التراث الفلكي الإسلامي والعصر الحديث، يقول الباحث ريجيس مورلون من المركز الوطني للبحث العلمي في باريس يقول: ((كانت كلمة (كوكب)، (كواكب) مستعملة في علم الفلك في حين كانت كلمة (نجم)، (نجوم) تستعمل بنفس المعنى بمفهوم تنجيمي... اما الآن، في العصر الحديث، فإن كلمة نجم أو نجمه تستعمل للدلالة على جرم سماوي كبير مضيء بنفسه، بينما تدل كلمة كوكب على جسم سماوي سيّار، أصغر حجماً من النجمة، يدور حول نجمه ويتلقى منها النور. أما الأجسام الصغيرة التي تدور حول الكوكب فتسمى بالأقمار))([2]).

لقد وردت كلمة أو مصطلح (الكوكب) (والكواكب) من خلال خمس آيات قرآنية كريمة ثلاث مرات مفردة وهي قوله تعالى:

{...كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ...}([3]).

وقوله تعالى أيضاً:

{فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ}([4]).

وقوله تعالى أيضاً:

{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}([5]).

ووردت الكلمة مرتين جمعاً (أي كواكب) قال تعالى:

{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}([6]).

وقال أيضاً:

{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ}([7]).

هذا كل ما ورد عن لفظة (الكوكب والكواكب) في القرآن الكريم، ويظهر لنا أن اللفظة جاءت بمعناها العام المعروف في التراث الفلكي القديم الشامل (للنجوم والكواكب) أو للنجوم وحدها.


1 – يوسف / 4 .

2 – تفسير الآيات الكونية في القرآن الكريم / د0 زغلول النجار / ج 1 / ص 361 .

1 – المرجع السابق / ج 1 / ص 264 .

(1) قاموس دار العلم الفلكي، عبد الأمير المؤمن، ص399.

(1) موسوعة تاريخ العلوم العربية / إشراف رشدي راشد،ج1 ص26.

(2) سورة النور / 35.

(3) سورة الإنعام / 76.

(1) سورة يوسف / 4.

(2) سورة الصافات / 6.

(3) سورة الانفطار / 1 و2.

إشترك في القائمة البريدية

سيصلك كل ما هو جديد من أخبار و أنشطة الجمعية