نعم كان الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ هو أول من أسس وحدة بقوة الإرادة وتوافق مصالح الحوار الوطني، حيث أعلن صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير عبدالله موافقة خادم الحرمين الشريفين على قيام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ليكون وسيلة عملية لتحقيق تلاقي وجهات النظر، وتلاقي الجهود لإبعاد بلادنا عن ظلمات الغلو والعداوات ومنزلقات الفتن، وهو وطن ليس بالرخيص الذي يدفعنا نحو الولاء لمصالح خاصة على مصالح عامة حيث موعود بثرواته أن يكون كلما ازدهرت فيه مصالح عامة انفتحت أبواب لم تستطع فتحها دولة أخرى في العالم الثالث نحو واقع رحب من التقدم وازدهار الامكانيات، وليس ثمة خطر يهدد المواصفات المثالية لوطن قادر على إعطاء أبنائه كل محفزات التقدم إلا النكوص في مهاوي الغلو والتطرف والتعصب وعنجهية الولاءات العرقية والطائفية.. الملك عبدالعزيز قاد بدواً رحلاً.. وقرويين فقراء ولم ينس أن يحيط نفسه بمثقفين عرب وفروا له فرصة الحوار مع القوى الأجنبية بلغة ذلك العصر، فكان رجلاً ارتفع عن قيود ظروف البيئة، هو الذي كان يتحفز للقفز بالبداوة ومجتمع القرية وطرق الخوف والنهب بين أي مكان وآخر بما في ذلك طرق الحج إلى واقع حضاري جديد.. حلم بذلك في زمن لم تكن فيه مدرسة ابتدائية واحدة قد افتتحت بعد، بينما كان هناك عدد من الدول العربية قد عرفت نظام التعليم الجامعي، وكان بديهياً أن يصطدم بعقلية البادية وبعقلية القرية وبمنافع المصالح الذاتية لأصحاب مواقع امتياز، فلم يتخذ دور من يهادن ويوزع الهبات، ولكنه نذر نفسه بالحوار الوطني مع كل فئات المجتمع وبالقوة الحازمة إذا اقتضت مصلحة المجموع ذلك كي ينبع من جفاف الصحاري ووحشة امتداداتها وجود تعليمي وعلمي وثقافي واقتصادي يقفز بها إلى واجهة العالمين الإسلامي والعربي لتكون بعد زمن وجيز أفضله ظروفاً ومعيشة وأمناً.. ليس البترول من فعل ذلك، لأن دولاً كثيرة غمرها البترول بتدفقاته، لكنها بقيت بائسة في مستويات معيشتها وبعضها فتكت في قواه ضراوة الحروب الأهلية.. فمرحباً بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.. ومرحباً بالإرادة الوطنية الموحدة التكتل والولاء بالانتصار على تحديات هي أكبر بكثير مما عرفه كل ماضي هذا الشرق الأوسط الغارق دائماً في مواجهة مختلف مسببات التخلف وأطماع الغير..