شرح حديث (إماطة الأذى عن الطريق صدقة)

صورة مقال شرح حديث (إماطة الأذى عن الطريق صدقة)

شرح حديث (إماطة الأذى عن الطريق صدقة)

إماطة الأذى عن الطريق ذُكرت في حديثٍ صحيح يعدّد فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصنافاً متعدّدة للصدقات، فيقول: (كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، قَالَ: تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، قَالَ: وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ).[١]

وبيان معنى (وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ) فيما يأتي:

  • تميط

بمعنى تزيل،[٢] أو تُنَحّي.[٣]

  • الأذى

كل مؤذٍ يقع في طريق المسلمين مما كان من شأنه أن يضرّ بهم، ولا حد له، فقد يكون زجاجاً مكسوراً على الأرض، أو غصن شجرة، أو شوكاً، أو نجاسةً، أو حتى قشر فاكهةٍ مرمي في طريق المسلمين.[٤]

  • صدقة

الصدقة هي إيصال نفعٍ إلى الغير، وهنا كأن المسلم تصدّق على إخوته المسلمين بإزالته للأذى الموجود في الطريق؛ أي تصدّق عليهم بالسلامة من الأذى.[٥]

وقد ورد في الصحاح حديث آخر مؤيدٌ لهذا الحديث، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ، فأخَّرَهُ فَشَكَرَ الله له فَغَفَرَ له).[٦]

حكم رمي ما يؤذي المسلمين في الطريق

إن رمي الأذى في طريق المسلمين فعلٌ محرم شرعاً، وفاعله يأثم بقدر الضرر الذي تسبّب به،[٧] وقد تحدث العلماء عن ضمان المتسبّب بالأذى لما تسبّب به، فلو سقط حيوان أحدهم بسبب أذى شخصٍ آخر في الطريق على سبيل المثال، فمات الحيوان أو تأذّى، فإن المسبّب للأذى يضمن بدله أو علاجه.[٢]

وفي مثال آخر قال الحنابلة إن من سكب ماءً أو صابوناً في الطريق العام، فانزلق حيوانٌ أو إنسان وتأذّوا، كان المتسبب ضامنٌ لهم، فالطريق للمسلمين جميعاً، ولا يجوز أن يفعل به ما يؤذيهم.[٨]

الحكمة من الحثّ على إماطة الأذى عن الطريق

تتعدد الحكم والفوائد من حثّ الإسلام على إماطة الأذى عن الطريق، ونذكر منها ما يأتي:

  • يفتح الإسلام أبواب الخير في وجه المسلم،[٩] بترتيب الأجر على جملة من التصرفات التي قد تبدو في ذاتها صغيرة أو بسيطة.
  • يسمو الإسلام بالنفس البشرية، إذ يتيح الانتفاع بأعمال البرّ لأيٍّ كان من المسلمين، فيخلّصهم من نزعة التعصّب للقبيلة أو البلاد،[٩] ذلك أن الحديث حثّ على إماطة الأذى عن الطريق بشكلٍ عام دون تحديد للمنتفعين به.
  • يتيح الإسلام الفرصة لتقديم الصدقات في غير المال، إذ لا يجد الجميع القدرة على التصدّق بالمال.[٩]
  • يعتبر إماطة الأذى عن الطريق من محاسن الإسلام، كما أنه خصلة من خصل الإيمان وشعبه.[٢]
  • يحثّ الإسلام من خلال الحديث على الاستكثار من فعل الخيرات، وعدم الاستهانة بها ولو كانت صغيرة.[١٠]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1009، صحيح.
  2. ^ أ ب ت ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين، صفحة 158. بتصرّف.
  3. ابن منظور، لسان العرب، صفحة 409.
  4. ابن منظور، لسان العرب، صفحة 27.
  5. ابن الملقن، التوضيح لشرح الجامع الصحيح، صفحة 649. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1914، صحيح.
  7. عبد الكريم الخضير، شرح بلوغ المرام، صفحة 14.
  8. ابن عثيمين، شرح الأربعين النووية، صفحة 8. بتصرّف.
  9. ^ أ ب ت مصطفى السباعي، مقتطفات من كتاب من روائع حضارتنا، صفحة 196. بتصرّف.
  10. ابن الملقن، التوضيح لشرح الجامع الصحيح، صفحة 649. بتصرّف.
للأعلى للأسفل