“الأسئلة المحرجة” فضول يخترق الخصوصيات

يطلقها البعض بنية حسنة أحياناً
12:54 مساء
قراءة 5 دقائق

في تعاملاتنا اليومية نتعرض إلى أسئلة يمكن أن نعتبرها محرجة لأن الإجابة عنها تمس خصوصياتنا التي نفضل الاحتفاظ بها، ورغم أن بعضها يكون بنية حسنة أحياناً إلا أن مجرد السؤال يضع الشخص في موقف لا يحسد عليه، فهو لا يريد الإجابة، وفي الوقت نفسه لا يرغب في إحراج السائل.

ولأن كل شخص له طباعه الخاصة فإن لكل منا سؤالاً أو أسئلة لا يحب أن يسمعها ويفضل ألا يجيب عليها نتعرف عنها، في هذا التحقيق:

حسن العبد (موظف) قال: هناك أسئلة تتدخل في الخصوصيات فما الحاجة مثلا إلى سؤال عن الراتب، والغريب أن السؤال يأتي من شخص لا يعنيه الأمر على الإطلاق فلا هو من الأسرة ولا هو حتى زميل متطفل يحاول أن يعرف إذا ما كان راتبه أقل أو أكثر من زميله، وإنما مجرد شخص يطرح سؤاله، واذا جاوبته لن يعود عليه ذلك بأي فائدة وبالطبع هذا سؤال أرفض الاجابة عنه، وفي البداية كانت تظهر على ملامحي علامات الضيق فيحرج السائل ولكني الآن وجدت إجابة تريحني وتمنع الحرج وهى الرد بعبارة الحمد لله مستورة وبالطبع إذا كان لدى السائل شيء من العقل سوف يتوقف ويستوعب أما إذا ألح فلا مفر من إحراجه بوضوح حتى يتوقف.

أما سعيد الغمدي موظف فيقول: السؤال عن العمر من الأسئلة التي تزعجني أحيانا وعلى الرغم من أن المعروف أن هذا سؤال يضايق النساء ولا يجب أن يوجه إليهن من الناحية الذوقية ولكن الحقيقة أنه يضايق الرجال أيضا أو غالبيتهم على الأقل، وأن يأتي شخص لا صلة له بي ولا يهمه سني أو يعنيه في شيء وأحياناً تكون العلاقة مجرد لقاء عابر فيبادر ويسأل هذا السؤال في رأيي أن ذلك يدل على تطفل لا مبرر له.

بينما تقول منى سيد (موظفة) كثيرون يقعون في خطأ ترديد السؤال عن العمر رغم انه غير مستحب وليس من الذوق طرحه خاصة للمرأة، وأنا وصلت إلى صياغة جملة أراحتني من حرج هذا السؤال وأنصح به غيري عندما يواجهون به من شخص فالرد المناسب يكون كما أفعل هو أني أسأله كم من العمر تعطيني أنت وساعتها سوف يجيب برقم يتعمد فيه المجاملة وغالبا سيكون أقل من السن الحقيقي وتكون إجابتي بابتسامة هي حسنا أصبت و وهكذا أريح نفسي ثم أرد له السؤال نفسه وما عمرك أنت لعله يجد في حرج الإجابة تنبيه لما يسببه للآخرين من حرج لا داعي له.

في حين يقول إسماعيل الوافي موظف: أرفض الإجابة عن أي سؤال يمس خصوصياتي، وغالباً أرد بجرأة اذا سألني أحدهم سؤالاً لا أريد الاجابة عنه وأرد له التساؤل وأسأله لماذا تسأل؟ وغالباً يحرجه هذا الرد ويوقفه عند حدود اللياقة.

أما سلطان الدملي طالب فيقول: لا أجد حرجاً في الرد على أى سؤال وأجيب بصراحة لأني لا أجد ما يدعو إلى الحرج في حياتي حتى أخجل من أن يعرفه الناس بشرط أن يكون موضوع السؤال يخصني.

بينما تقول ريم المعلا طالبة: أكثر الأسئلة التي تقلقني هي المتعلقة بدراستي لأني أخشى الحسد كثيرا وإذا سألني أحدهم كم ساعة ذاكرت بالأمس أتضايق ولا أدري ماذا أقول؟ وحتى لا أكون كاذبة لا أرد وإنما أومىء برأسي بعدم اكتراث.

بينما يرى ماجد الزيدي أن أسخف سؤال هو ما يتعلق بالمحارم فيقول: معروف عنا كشرقيين أننا نغار على حرماتنا ومن الأسئلة غير المقبولة أن يسأل شخص الآخر عن اسم زوجته أو أمه، بالنسبة لي أتصور حجم الغضب والانزعاج إذا سألني شخص غريب هذا السؤال ولا أدري ماذا سيكون رد فعلي.

وتقول علياء محمد، مدرسة: أكثر الأسئلة دلالة على التطفل هو السؤال عن المشاعر ومحاولة معرفة تفاصيلها لأنها من الخصوصيات التي لا يجب التدخل فيها.

في حين يقول أحمد معلوف: هناك سؤال لا يثيرني ولكنه يحيرني لكثرة ما يسأل وهو هل أنت سعيد؟ لأني لا أرى له معنى ولا أدرى ما هدف السائل منه وما الرد المتوقع.

أما سعيد مبروك موظف فيرى أن سؤال شخص عن رصيده في البنك سؤال غير مبرر ويقول: هذا السؤال لا أستسيغه ولا أجد عذرا لمن يسأله سوى التطفل أما إذا جاء من زوجتي فإنه يتحول إلى سؤال مخيف أتحاشى الرد عليه بكل الوسائل لأنها لو عرفته لن تتوقف عن الطلبات حتى ينفد.

وبين الأزواج أيضا أسئلة محظورة غالبا ما تسبب مشاكل يقول عنها حسن صديق: كثرة سؤال الزوجة عن تحركات زوجها وإعطاؤه الانطباع وكأنه مراقب شيء مثير للأعصاب ويدعوا للملل وخاصة السؤال المعهود عند العودة للبيت وهو أين كنت؟ على الرغم من أنها تعلم أنه أتى من العمل ولكن التأخير عن موعده لبعض الوقت يعطيها المبرر أن تسأل هذا السؤال المستفز.

في حين يرى عبدالله السمري (موظف) أن أسئلة الزوجة لزوجها تعبر عن اهتمام به حتى وإن كانت ساذجة في بعض الأحيان مثل أين أنت ذاهب؟ أو أين كنت؟ أو مع من تتحدث بالتليفون؟ وأعتقد أن أي زوج لن يكون سعيداً إذا عاد للمنزل فلم يجد أي اهتمام من زوجته لأن هذا دليل على فتور المشاعر.

أما من الأسئلة الساذجة فيقول محمد سلمان: هناك سؤال دائم يوجه للأطفال حتى في وسائل الإعلام وهو من تحب أكثر بابا أم ماما؟ وبصراحة عندما أسمعه خاصة من بعض المذيعات أشعر باستفزاز لسذاجة السؤال وسخافته التي تقع على طفل برىء لا يدري ماذا يقول في حين أنه من الطبيعي جدا أن يحب أباه وأمه بنفس القدر.

ويعلق الدكتور نوح الأعسر أستاذ علم الاجتماع قائلاً: الفضول طبيعة بشرية ويتسم به الجميع بدليل أن الأطفال أكثر الناس فضولا وكثيرا ما يوجهون أسئلة لأن لديهم شغفاً لمعرفة وفهم ما حولهم وأحيانا يوجهون الاسئلة المحرجة ببراءة شديدة ولكن مع التقدم في العمر يبدأ الإنسان في التعقل وتقييم ما يصح السؤال عنه وما لا يصح، وهذا طبعا تحكمه عوامل كثيرة منها البيئة التي نشأ فيها وطبيعة العلاقات في المجتمع وثقافته وعلى الرغم من ذلك نجد أن بعض الأشخاص يعانون من فضول لا إرادي لمعرفة تفاصيل حياة الآخرين، ولهذا نجدهم دائمي الاستفسار والتدخل في شؤونهم إذا كانوا مثلا زملاء عمل أو أصدقاء أو حتى أشخاص التقوا بهم في حافلة أو قطار فما يكاد الشخص الذي يجلس إلى جوارهم أن يتجاوب في الحوار حتى يبدأ سيل من الأسئلة عن عمره وعمله وعدد أبنائه، ولماذا طلقت المرأة من زوجها؟ وكأنه جمع المعلومات عن كل حياته في حين أنه بمجرد التوقف في محطة الوصول يفترقا وتصبح كل هذه المعلومات لا قيمة لها ولكنه طبع يتقبله البعض بدافع الود والتعارف ويأخذه على محمل حسن وينفر منه البعض، ويعتبره تطفلاً وفى كل الأحوال أمر يختلف من بيئة لأخرى.

وأضاف: في أغلب الأحوال تأتي هذه النوعية من الأسئلة بعفوية ومن دون قصد والمرجع هنا يكون لمن وجه إليه السؤال عن عمره مثلا أو راتبه أو أي أمر شخصي آخر وهذه أسئلة يمكن أن يتعرض لها أي شخص والتصرف السليم أن يأخذها ببساطة ويفترض حسن النية ويرد بلباقة ولين حتى لا يحرج الآخر ويلمح له أن هذا أمر لا يحب الحديث عنه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"