profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٣٠ يناير ٢٠٢١
قبل ٣ سنوات
هذه اللفظة والعبارة جاءت في عدة أحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام منها :

ما رواه أبو داود في سننه من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال " يا بنَيَّ، إنَّك لن تَجِدَ طَعمَ حقيقةِ الإيمانِ حتى تعلَمَ أنَّ ما أصابَك لم يكُنْ لِيُخْطِئَك، وما أخطَأَك لم يكُنْ لِيُصيبَك، سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ أوَّلَ ما خلَقَ اللهُ القَلَمُ، فقال له: اكتُبْ، قال: ربِّ، وماذا أكتُبُ؟ قال: اكتُبْ مقاديرَ كُلِّ شَيءٍ حتى تقومَ السَّاعةُ، يا بُنَيَّ، إنِّي سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن ماتَ على غيرِ هذا، فليس مِنِّي".( والحديث حسنه العلماء ).

وما رواه أبو داود وأحمد عن " ابن الديلمي قال : أتيت أُبيّ بن كعب فقلت له وقع في نفسي شيء من القدر فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي؟ فقال: لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم، ولو أنفقت مثل أحد ذهبا في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ،وأن ما أخطاك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لدخلت النار. قال: ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك، قال ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك " .

أما شرح هذه العبارة ( وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ) ، فهي تعني أن ما يصيبك من ابتلاءات ومصائب أو نعم وخير فهي بقدر الله عليك ، ولم يكن من الممكن أن يفوتك أو يصرف عنك لأن الله قدره وقدر الله لا يتخلف .

ويمكن أن تفسر على ما أصبته من حسنة أو معصية فتكون دليلا لأهل السنة والجماعة على أن الله هو خالق أفعال العباد  ، لكن ظاهر اللفظ يساعد على المعنى الأول وهي ما أصابك من خير أو شر .

قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: ( ما أصابك ) من النعمة والبلية أو الطاعة والمعصية مما قدره الله لك أو عليك ( لم يكن ليخطئك ) أي يجاوزك ( وأن ما أخطأك ) أي من الخير والشر" [لم يكن ليصيبك] .

وهذا الحديث دعوة للتسليم للقدر و الصبر وعدم التسخط للمصيبة أو الغرور بالنعمة ، وليس فيه دعوة للعجز والكسل ، بل هذا المعنى ينفيه حديث آخر وهو قول النبي عليه السلام "  مؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أنِّي فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدَّر الله وما شاء فعل، فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان " ( رواه مسلم )

فالعمل والأخذ بالأسباب مطلوب والتسليم بالقدر لا يعارضه .

والله أعلم 




 

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة