فوضى المشاعر وفرحة التغيير عنوان المنزل الجديد

01:41 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: زكية كردي
في المنزل القديم نترك الذكريات الأولى لأشياء تمر بالحياة ولا تكون عادية يوماً، ونرحل طلباً لمساحة جديدة في الحياة، لكن هذا الرحيل لا يكون مصحوباً فقط بالحزن لأجل فراق المنزل القديم، بل هناك فرحة ربما بالتغيير الذي اعتاد البشر أن يحتفوا به على الدوام، ومع هذا التغيير تعم الفوضى في المشاعر وفي أرجاء المنزل وعلى قائمة المهام التي لا تنتهي، إنها حياة جديدة تبدأ، فهل يحتفي بها الناس عادة، أم يختلف موقفهم منها بحسب الجنس أو العمر أو الحالة؟
هذا ما نحاول معرفته من خلال التحقيق الآتي:
الرجال عموماً يكرهون فكرة الانتقال إلى منزل جديد، حسب رسمي محجوب "تاجر سيارات"، وعن تجربته مع الانتقال من منزل إلى آخر يقول: اضطررت لتغيير منزلي مؤخراً لأني كنت بحاجة إلى غرفة إضافية لاستقبال المولود الجديد، ووفقت بأن وجدت شقة في البناء نفسه الذي أقيم فيه لأقلص حجم الفوضى التي يسببها الانتقال، ولكن مع هذا احتجت لثلاثة أيام حتى استعدت شعوري بالاستقرار، وعن أكثر الأشياء التي تزعجه في الانتقال يؤكد اضطراره لتجديد الاشتراك في الإنترنت والكهرباء والغاز والهاتف واضطراره لانتظار عودتها يجعله يضيف شيئاً من الوحشة على حالة الانتقال، أما الشيء الإيجابي فهو اتساع مساحة المنزل وتغيير إطلالته .
وبعكس رسمي محجوب نجد علا اسماعيل "ربة منزل" سعيدة جداً بالانتقال إلى منزلها الجديد بعد طول انتظار حيث كانت تقيم في منزل صغير يشعرها بالضيق، حيث اضطرت لتوزيع ألعاب أطفالها التي لم يستطيعوا اللعب بها بسبب ضيق المنزل، ورغم كل الفوضى والمشاعر المتناقضة التي كانت تنتابها وهي تخرج من منزلها الذي أقامت فيه عشر سنوات تقريباً أبت التوقف عند حالة الحزن التي أصابتها عند خروجها من منزلها للمرة الأخرى، وتضيف أن الأمر كان مختلفاً تماماً مع اتساع المنزل الجديد والانشغال بفرشه وانتقاء الألوان والديكورات المناسبة له .
أما نجيب بوفخرالدين "مدير معمل" فيصف الانتقال إلى منزل جديد بأنه "وجعة راس" لمدة أسبوع على الأقل، ولكنه يعتبره صفحة جديدة يقلبها في حياته، وعن المرات التي تنقل فيها من منزل إلى آخر يقول: أصبحت لدي خبرة كبيرة في الانتقال، فقد نقلت منزلي مرتين عندما كنت في الكويت، والمرة الأهم عندما انتقلت من الكويت إلى الإمارات، كما انتقلت مرتين هنا داخل الإمارات، وهذا جعلني أعرف كيف أرتب أولويات الانتقال من منزل إلى آخر، فأبحث في البداية عن شركة نقل جديدة، وأحدد الوقت المناسب كما أحسب وقتي بالنسبة للأمور حتى لا أشعر بكثير من الضغط، وعن الأمور التي تشعره بالفوضى يشير إلى أن اختلاف تصاميم المنازل تحتاج إلى دراسة مدى إمكانية الاستفادة من الديكور القديم في المنزل الجديد، ولكن مع هذا يعتبر المنزل الجديد محطة نصلح فيها العيوب والنواقص التي كانت في المنزل القديم .
لكن الأمر يعتبر نسبياً من وجهة نظر رولا ولائي "ربة منزل" بالنسبة للمرأة، مؤكدة أن المرأة بطبعها تحب التغيير رغم القلق الذي يصاحب مرحلة التغيير هذه، إلا أن الأمر يكون ممتعاً عندما يكون الانتقال إلى منزل أجمل وأكثر اتساعاً، لكن عندما تضطر إلى ترك منزلها والانتقال إلى منزل آخر في ظروف إجبارية فيكون هذا الانتقال محبطاً إلى حد ما وتحتاج المرأة إلى فترة طويلة لتقبل الوضع شأنها شأن الأطفال .
وأول ما قام به سلام بلبيس "مدرب رياضي" عندما انتقل سكنه قبل أسبوع تقريباً، هو الوقاية من الحشرات في المنزل الجديد، مشيراً إلى قلقه من هذه الأمور وتركيزه عليها في الدرجة الأولى، ومن بعدها يأتي التنظيف الجيد للمنزل لتجهيزه لاستقبال الفرش، ويقول: أكثر ما أكرهه في الانتقال من منزل إلى آخر هو حالة الفوضى التي ترافق هذه المرحلة لفترة، فالواجبات هنا لا تتوقف ما بين تركيب الستائر والفرش وتعليق اللوحات والبحث عن نجار جيد يعيد تركيب غرف النوم إلى الأغراض التي لا أعرف أين وضعتها أصلاً .
ومثلها يرى إسماعيل حبوش "موظف مكتبة" أن مشكلته كانت في التأقلم مع المنزل الجديد حيث كان مرتاحاً ومحباً لبيته القديم حسب قوله لأنه اختار تفاصيله وفرشه على ذوقه، ولأنه اضطر للتخلي عن منزله بسبب الظروف والانتقال للسكن مع أشخاص لا يعرفهم احتاج لأكثر من شهر ونصف الشهر ليستطيع تقبل الأمر والاعتياد على المنزل الجديد، وعن الصعوبات التي واجهتها، يقول: أكثر الصعوبات كانت في نقل الأثاث حيث تكسر معظمه أثناء النقل، إضافة إلى أني اضطررت للتخلي عن الكثير من أغراضي التي أحبها كونها لم تكن مناسبة للمنزل الجديد بسبب اختلاف مساحة الغرف، لكنه يضيف بأن الأمر لا يستمر سلبياً فبعد فترة بدأ يكتشف أنه وجد أصدقاء جيدين في المنزل الجديد .
من جهتها تشير الدكتورة مها نصرالله "استشارية اضطرابات عائلية" إلى أن الانتقال من منزل إلى آخر قد يتسبب أحياناً بالكثير من الضغط على العائلة وعلى الطفل تحديداً، خاصة إذا رافق هذا التغيير تغييرات أخرى كولادة طفل جديد في العائلة أو موت أحد أفراد الأسرة على سبيل المثال، ومع أن الانتقال يكون مصحوباً بالفرح في بعض الأحيان إلا أنه برغم إيجابيته يكون مصدر قلق بالنسبة للطفل أيضاً .
أما آمنة مبارك "موظفة" فكان مشروع الانتقال من منزلها القديم إلى الفيلا الجديدة التي كانوا يبنونها بطيئاً واستمر لأشهر عدة لأنها قررت أن تفرش المنزل الجديد على مهلها بحيث لا تتسرع بشراء أي شيء قد تندم عليه لاحقاً، كونها كانت تبحث عن التميز في ديكور المنزل الذي استمتعت كثيراً في تصميمه بنفسها وجمعه، وخاصة غرف الأطفال والمطبخ على حد قولها، ومع هذا لا يخلو الأمر من بعض الفوضى عند اتخاذ قرار الانتقال نهائياً وتوديع المنزل القديم بكل ذكرياته الجميلة حيث ولد الأطفال والتقطت الصور لخطواتهم الأولى والكثير من اللحظات التي لا تتكرر، مؤكدة أن المنازل التي نقيم فيها تحمل شيئاً من أرواحنا وتشبهنا ولهذا ليس من السهل على أحد التخلي عن منزله من دون أن يشعر بغصة حين وداعه، لكنها سنّة الحياة .
وبصفة عامة تؤكد د . نصرالله أن الانتقال من منزل إلى آخر يرتبط بالظروف العامة للعائلة وبالظروف التي ترافقه، ولكن التغيير عادة يكسر الروتين ويغير نمط الحياة حيث تتبعه الكثير من التغييرات وأهمها تغيير الأصدقاء والجيران والمدرسة بالنسبة للطفل، وقد يكون الانتقال من بلد إلى آخر وهذا يتبعه تغييرات أكبر في الثقافة والعادات والمجتمع والبيئة، وهذا يكون له أثر كبير في العائلة خصوصاً أثر كبير في المرأة والطفل .
وتشير إلى أهمية التواصل بين أفراد الأسرة ومساندتهم بعضهم بعضاً في مرحلة التغيير حتى لا ينعكس سلباً عليهم، إضافة إلى أهمية تقسيم المهام فيما بينهم بحيث لا يشعر أحدهم بثقل المهمة الملقاة على كاهله وتخلي الآخر عنه في هذه المرحلة الصعبة التي تحتاج إلى وجودهما معاً، أما الطفل فينبغي أن تعمل العائلة على تهيئته للانتقال إلى الجو الجديد إذا كان واعياً ومساعدته لتكوين صداقات جديدة والبدء بممارسة الأنشطة التي تبعده عن الشعور بالوحدة وتقربه من محيطه الجديد .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"