تعبير عن مظاهر قدرة الله في الكون

تعبير عن مظاهر قدرة الله في الكون
تعبير-عن-مظاهر-قدرة-الله-في-الكون/

مظاهر قدرة الله في السماء

هناك ارتباط بين سعة الكون وعظمة الخالق، فالذي خلق الكون الفسيح بكل ما فيه لا يكون إلا عظيمًا، فعندما خلق الله هذا الكون، أودع فيه من الأسرار والعجائب ما يدل على قدرته المطلقة، فلا جمال يفوق جمال الكون، ولا صنع يشبه صنيع الخالق، فالله هو القادر على هذا الصنع وحده، ومن المظاهر الكونية التي تدل على هذه العظمة خلقه للسماء، بنجومها وقمرها، بمطرها وغيومها، بلونها الأزرق نهارًا، ولونها الحالك ليلًا، يقول الشاعر سامي أحمد الموصلي عن قدرة الله في الكون:[١]

جمالٌ فوق ما وُصفَ الجمالُ

وحسنٌ ليس يشبههُ مثالُ

جمالُ الربِّ أبدعهُ بكونٍ

يكيلُ بهِ الجمالَ ولا يكالُ

وحسنُ الربِّ في الدنيا فريدٌ

لديهِ ولا امتثالَ فلا مثالُ


خلق الله السماوات السبع، وأوحى في كل سماء أمرها، وزينها بنجوم، كل هذا في يومين، فالسماء بما فيها من حسن صنيع وجمال، بما فيها من ألوان تبعث على الراحة في قلب الإنسان، السماء بما فيها من نجوم تهدي الإنسان إذا ضلّ الطريق في سفره، بما فيها من قمر يضيء وحشة الليل، وما فيها من غيوم تبشّر الإنسان بمطر ونعمة قادمة.

ثم إذا نزل المطر من السماء أنبت الزرع، فتنبت السعادة في قلوب الناس، أليس ذلك دليلًا على عظمة الخالق؟ يقول الله تعالى: " فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ".[٢]


ومظاهر قدرة الله في خلق السماء لا تتجلى في جميل الصنع والبناء، بل تتجلى في ما أودعه فينا من مشاعر اتجاهها، فعندما خلق الله الأرض جعلها وطنًا للآلام والأحزان والكُرب والمصائب، وخلق السماء ليرفه الناس عن أنفسهم في ملكوتها، ليزيلوا عناء الأرض بمطر السماء، فالسماء هي وطن الأحرار، كأن الله خلق السماء لتكون وطنًا للذين لا يطيقون سقف الأرض، وطن الدعاء والأمنيات، فمن الذي أودع فينا هذه المشاعر؟ من الذي أودع فينا الشعور بقرب الله عندما ننظر للسماء؟ من الذي أودع فينا الإحساس بالأمل عندما ننظر إليها؟ أليس هذا من مظاهر قدرة الله؟


وإذا نظرنا إلى أصغر شيء في السماء وهي النجوم، لرأينا فيها من بديع الصنع ما يدل عى عظمة الخالق وحده، فهي متنوعة ومتعددة في صفاتها، فمنها النجوم الثوابت ومنها السيارة، ومنها القريبة والبعيدة، والصغيرة والكبيرة، فمنظرها يختلف من ليلة إلى ليلة، ومن ساعة إلى ساعة، وتختلف في السماء الصافية عن السماء الغائمة، وتختلف أيضًا من الليلة التي يكون فيها البدر مكتملًا عن تلك الليلة التي يكون فيها القمر محاقًا، أليس هذا من بديع صنع الله وقدرته العظيمة؟


ومن مظاهر قدرة الله في السماء أنها مرفوعة بلا عمد، وأن قدرة الله هي التي تمسكها أن تقع على الأرض، فهي مرتفعة إلى حد لا يمكن أن يصله الإنسان مهما تقدم في العلم. ومن هذه المظاهر أيضًا، أنها مخلوقة من مركّبات كيميائية جعلت بناءها متماسك ليس كأي بناء على الأرض، وأيضًا لها سبع طبقات في كل طبقة من العجائب ما يعجز العقل البشري عن الإحاطة به، وإن لم يكن ظاهر لنا إلا السماء الدنيا، فمن رؤيتنا لها يمكننا توقع عظمة خلق السماوات الأخرى.


وأخيرًا، إن الله عندما خلق السماء لم يخلقها عبثًا وإنما خلقها لنتفكر في بديع صنعها، ونتوصل إلى معرفته، والإيمان به، وشيء صغير من خلق الله قادر على أن يبعث الإيمان في قلوب الناس، فكيف إذا كان هذا الشيء عظيم كالسماء؟


مظاهر قدرة الله في الأرض

من الآيات التي تدل على قدرة الله في خلق الكون، خلقه الأرض، بما فيها من تميز وتفرد، بما فيها من كائنات حية، وما فيها من جبال وأنهار وبحار وأشجار، وما فيها من زهور تبعث الجمال في النفس، وما فيها من معادن، بالإضافة إلى طاقة تعين الإنسان على استمرارية الحياة، وما فيها من زلازل وبراكين، وما فيها من طبقات وصخور، يقول الشاعر عن قدرة الله في خلق الأرض:[٣]

لله في الآفاق آيات لعل

أقلها هو ما إليه هداكا

وإذا ترى الجبل الأشم مناطحًا

قمم السحاب فسله من أرساكَ

وإذا ترى صخرًا تفجر بالمياه

فسله من بالماء شق صفاكَ


إن مظاهر قدرة الله في خلق الأرض كثيرة، وكل هذه المظاهر خلقت بدقة متناهية وحكمة بالغة. فإذا سألنا أنفسنا لماذا خلق الله الإنس والجن؟ سنجد أن الهدف هو العبادة، وإذا سألنا أنفسنا لماذا خلق الله البحار والأنهار؟ أو لماذا خلق الجبال والسهول؟ سنجد في ذلك حكمة، فلم يخلق الله شيئًا في هذه الدنيا عبثًا.

فمظاهر قدرة الله في خلق الجبال تتجلى في تنوع الجبال، وارتفاعاتها الشاهقة، وتماسكها العجيب، وصلابة صخورها، والأعجب من ذلك أن الجبال ليست فقط ما تظهر للعيان من ارتفاع، بل إن لها عمق في الأرض أكبر من ارتفاعها، فهي كالأوتاد جزء منها في باطن الأرض يجعلها قوية صلبة، وجزء منها ظاهر للمتأملين، فنتفكر بها لنرى بديع الخلق فيها، وهي كغيرها من المخلوقات لم تخلق عبثًا وإنما خلقها الله لحكم عظيمة، ومنافع كثيرة.


وتتجلى مظاهر قدرة الله في خلق الحيوانات بما فيها من تنوع كبير، فمنها الحيوانات الكبيرة والصغيرة، ومنها القوية والضعيفة، ومنها ما يطير، ومنها ما يمشي على رجلين، ومنها ما يمشي على أربع، ومنها ما يزحف على بطنه، ومنها ما يعيش في الماء، ومنها ما يعيش على اليابسة، ولا يمكن إحصاء هذا التنوع أبدًا، بالإضافة إلى العدد الهائل لهذه الحيوانات، فكل يوم وكل دقيقة يكتشف العلم نوعًا جديدًا منها.


وتتجلى مظاهر قدرة الله في خلق النبات، بأنها متنوعة، ولكل نبات صفات تميزه عن غيره، فبعضها طويل كالنخل، وبعضها الآخر متوسط الحجم، وبعضها قصير كالحشائش، وبعضها مفيد والآخر ضار، ومنها ما هو كبير الأوراق وعظيم السيقان، ومنها ما هو صغير الأوراق والسيقان، أليس هذا من مظاهر قدرة الله؟

ومن هذه المظاهر أيضًا نمو النبات في ظاهرة البناء الضوئي، وقدرته على تخليص الجو من ثاني أكسيد الكربون، وكونه مصدر غذائي للإنسان والحيوان.


وأخيرًا، إن الأرض فيها من الأسرار والعجائب، ما لا يستطيع العقل أو اللغة التعبير عنها، فلو حاولنا الحديث عنها لجَفّ مداد اللغة قبل أن ننهي حديثنا عن مظاهر عظمتها.


مظاهر قدرة الله في البحار

من المظاهر الدالة على قدرة الله هي خلقه للبحار، فقد خلق الله البحار وجعل فيها ما يميزها عن غيرها مما خلق وأبدع، فتعتبر مصدرًا للأملاح والغذاء، والمعادن والثروات الطبيعية، وتعتبر مصدرًا لحياة الإنسان والنبات والحيوان، يقول الله تعالى: "وجَعَلْنا مِن المَاءِ كلَّ شيءٍ حيٍّ أفَلَا يُؤْمنون"[٤]


فتتجلى مظاهر قدرة الله في خلق البحار بأنه عالمٌ مليء بالحياة، عالم عميق مليء بالمفاجآت، التي لم يستطع الإنسان اكتشافها إلا بعد أن وصل إلى أقصى درجات التطور، فقد كان يعتقد أن أعماق البحار تتكون فقط من تربة، لكن تمّ اكتشاف أن فيها من النباتات والحيوانات المتعددة والمتنوعة والألوان الزاهية ما جعلها مصدرًا لحياة الكثير من الكائنات الحية كالإنسان، ومن هذه المظاهر أيضًا تنوع البحار، فهي مختلفة في الشكل والخصائص، فمنها ما هو مالح ومنها ما هو حلو، ومنها البحار الصغيرة والكبيرة، ومنها البحار المغلقة والمفتوحة، ومنها ما هو جارٍ وراكد.


وتتجلى قدرة الله أيضًا، في أنه سخر البحر لتجري الفلك فيه، ففيه من القوة ما يجعله قادر على أن يحمل الإنسان إلى مشارق الأرض ومغاربها.

ومياه البحار آية من آيات الله، فتجتمع وتتفرق بقدرة الله، فتصير موجًا ذا قوة كبيرة ومخيفة، ثم ما يلبث أن يهدأ فيجري هادئًا كأنما نزلت عليه السكينة، يفيض تارة، وتارة يلزم مسكنه، بالإضافة إلى حركة المد والجزر التي مكّنت الإنسان من استخراج الطاقة.


ولا يخفى علينا المظهر العجيب الذي أودعه الله في بحرين ملتصقين ببعضهما البعض، فهما يختلفان في خصائصهما اختلافًا كليًا، وفي كل بحر يعيش فيه من الكائنات ما لا يصلح له أن يعيش في البحر الآخر، ويجري الماء وتأتي الأمواج وتهب الرياح، ومع ذلك لا يختلطان أبدًا، وذلك لوجود البرزخ بينهما، وهو فاصل خلقه الله يمنع اختلاط البحرين مهما هبت ريح أو ارتفع موج.


وأخيرًا، إن حياة الكائنات الحية تعتمد بشكل أساسي على المياه، وقد جعل الله البحار مصدرًا لهذه المياه، ولم يخلقها عبثًا وإنما جعلها دليلًا على قدرته يتوجب علينا أن نحمد الله عليها دائمًا.

المراجع[+]

  1. "جمال الله في خلقه قصيدة "، الشبكة الليبرالية الحرة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-11م. بتصرّف.
  2. سورة فصلت، آية:12
  3. "قل للطبيب"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-11م. بتصرّف.
  4. سورة الأنبياء، آية: 30