مظاهر قدرة الله في خلق الإنسان

مظاهر قدرة الله في خلق الإنسان
مظاهر قدرة الله في خلق الإنسان

خلق الإنسان

خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم، إذ قال تعالى في محكم كتابه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[١]، ويعد خلق الإنسان من أعظم الدلائل على خالقه وفاطره وباعث الحياة فيه، وفي جسم الإنسان من العجائب ما يدل على عظمة الله تعالى وقدرته، وفيه ما تنقضي الأعمار في الوقوف على بعضه، وتعجز العقول عن إدراك ماهيته، وتعجز الألسن عن وصفه، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالتفكر في خلق أجسادنا والتأمل بعظيم صنعه، فقد جعله أفضل العالمين وميزه بالعقل عن باقي مخلوقاته، وجعل خلقه ضمن تدرج معين، فينتقل الإنسان ضمن أطوار خلقه ونموه من حال إلى حال، إذ يبدأ بنطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم يصبح جنينًا، ومن بعده مولودًا، ثم رضيعًا، ثم طفلًا، وبعد ذلك يغدو شابًا، ثم شيخًا، ثم هرمًا، إلى أن يموت ويبعث ليقف بين يدي خالقه ويحاسب على فعله خيره وشره.[٢]


مظاهر قدرة الله في خلق الإنسان

يوجد العديد من الآيات الدالة على قدرة الله في خلق الإنسان من خلال العدد الكبير من الأجهزة التي يحتويها جسده، والتي لكل منها دور حيوي مهم في الحفاظ على حياته وفق نظام دقيق محدد من الله تعالى، وقد وقف العلماء عاجزين أمام دقة خلق الله تعالى للإنسان، وفيما يأتي بعض مظاهر قدرة الله تعالى في خلق الإنسان:[٣]

  • خلق القلب: فمن يتأمل بتلك العضلة الصغيرة الموجودة في صدر الإنسان، والتي تؤدي وظيفتها على أكمل وجه بصورة تعجز عنها الأجهزة الضخمة والمعقدة، يدرك قدرة وعظمة خالقها، فالقلب يضخ الدم إلى جميع أجزاء الجسم بلا توقف، فهو يربط بين أكثر من ترليون خلية في جسم الإنسان، ويضخ ما يقارب 43,000 لتر من الدم يوميًا، كما يصل عدد دقاته إلى حوالي مائة ألف نبضة يوميًا، وفق نظام عجيب ومتقن دون خلل أو خطأ، كما أنه من بديع صنعه تعالى للقلب وجود دورتين دمويتين هما؛ الدورة الدموية الصغرى، والدورة الدموية الكبرى، والتي لا يمكن لهما أن تختلطا، فسبحان من قدر هذا وأتقن صنعه.
  • خلق العين: فالعين هي نافذة الإنسان على العالم، بها يرى كل ما حوله، ومن مظاهر قدرة الله تعالى في خلق العين قدرتها على التمييز بين أكثر من مليار لون مختلف؛ ويعود ذلك إلى وجود ملايين الخلايا العاملة بدقة وتناسق عجيبين، إذ تبلغ دقتها حوالي 576 ميجا باسكال، كما تحتوي الشبكية على حوالي مليون مستقبل ضوئي لكل مليمتر مربع، كما أن جميع الخلايا الموجودة في الجسم تتغذى عن طريق الدم الجاري في الأوعية الدموية عدا قرنية العين، والتي تتغذى على السائل الموجود في العين، وذلك لأن وجود الأوعية الدموية قد يحجب عنها الرؤية والضوء.
  • خلق الخلايا الدماغية: فمن عجائب قدرة الله تعالى خلقه الخلايا البشرية بجميع أنواعها، والتي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وكل خلية منها تؤدي وظيفة معينة دون حدوث خلل أو تداخل في الوظائف بينها وبين الخلايا الأخرى، إذ تختلف الخلايا في أعدادها وأشكالها ووظائفها، ومنها خلايا المخ أو الخلايا الدماغية؛ والتي يبلغ عددها أكثر من 140 مليار خلية، والتي تتفاعل معًا لأداء وظائف الدماغ المختلفة، إذ إن الخلية الدماغية الواحدة بإمكانها حفظ المعلومات قصيرة الأجل والتي يحتاج إليها الإنسان في حياته اليومية، فهي تشبه إلى حد كبير الذاكرة العشوائية الموجودة في جهاز الحاسوب، وتلك الخلايا الخاصة بالذاكرة من نعم الله تعالى على الإنسان، فلولاها لما تمكن من متابعة حياته بالشكل الطبيعي، فهي تكريم من الله تعالى للإنسان على سائر المخلوقات، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}[٤].[٥]
  • خلق الأذن: فقد خلق الله تعالى أذن الإنسان في أحسن خلقة، فجعلها مجوفة لتتمكن من تجميع الأصوات وتمييزها، وجعل فيها تجاويف مختلفة للإمساك بالصوت الداخل إليها فتكسر حدته ولا تؤذي الأجزاء الداخلية منها، وجعل سبحانه ماء الأذن مرًا لكي لا يدخل أي كائن حي دقيق إلى الأذن الداخلية فيؤذيها، وفي المقابل جعل ماء الفم حلوًا ليتمكن من إدراك الطعوم المختلفة، بينما ماء العين مالحًا ليحفظها من الفساد.[٢]


الحكمة من خلق الإنسان

إن الحكمة من خلق الله تعالى للإنسان متعلقة بالدنيا والآخرة معًا، وهو ما يخفى على قصار النظر في الحياة الدنيا، فلا يستطيع الإنسان معرفة الحكمة من خلقه إن لم يعرف ماذا كان وما سيؤول إليه، فالذين يزعمون أن الحكمة من خلق الإنسان هي العمل والمتعة وبناء الحضارات فقط فقد خاب وخسر، فقد خلق الله تعالى الإنسان لعبادته وحده لا شريك له ولاستخلافه في الأرض، فالإنسان لم يخلق عبثًا، كما أن الحكمة من خلق جميع البشر واحدة، واستخلاف الإنسان في الأرض إنما هو ابتلاء وامتحان له، وموضوع هذا الاختبار متعلق بعبادته سبحانه، فإن أطاعه نجح في امتحانه، وإن عصاه وكفر به فقد فشل، وجزاؤه عند مرجعه إليه سبحانه، وبهذا فإن الحكمة من خلق الإنسان واحدة لا تتبدل مع تغير الأماكن والأزمان، فكل إنسان مهما كانت مكانته ممتحن فيما استخلفه الله به، فهو محاسب على ذلك يوم القيامة، فالعبادة هي غاية وجود الإنسان الأولى، وليس في هذا الوجود سوى رب واحد والكل له عبيد، وعليهم أن يتوجهوا بخالص أنفسهم لعبادته عبادة خالصة دون شريك.[٦]


المراجع

  1. سورة التين، آية: 4.
  2. ^ أ ب "خلق الإنسان"، kalemtayeb، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2020. بتصرّف.
  3. "قدرة الله في خلق الإنسان"، knowingallah، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2020. بتصرّف.
  4. سورة الإسراء، آية: 70.
  5. "قدرة الله في خلقه"، knowingallah، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2020. بتصرّف.
  6. "الحكمة من خلق الإنسان متعلقة بالدنيا والآخرة"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :