تطمح شريحة من الشباب العربي، الذي شاهد عبر الهواتف الذكية إطلاق مسبار "الأمل"، بدخول عالم الفضاء ودراسة الفلك، ما يفرض تحديا أمام الجامعات العربية، فهل لهم مكان؟
تفتقر معظم جامعات البلدان العربية لتخصصات الفضاء والفلك. وانضمام الإمارات أخيرا بجرأة إلى الدول الأخرى، التي ترتاد الفضاء، في رحلة تقارب الـ 500 مليون كلم من الأرض إلى كوكب المريخ، يفتح الباب على مستقبل هذا العلم عربيا.
يقول أستاذ علم فيزياء الفلك في الجامعة الأميركية في الإمارات، نبيل قسوم، في مقالة له نشرتها مجلة نيتشر العلمية، لا يوجد في الدول العربية أكثر من أربعة برامج جامعية في علم الفلك أو علوم الفضاء أو الفيزياء الفلكية، بل وعدد أقل من برامج الدراسات العليا.
ومن بين الجامعات العربية التي تطرح تخصصات ذات علاقة بعلوم الفضاء والفلك، الجامعة الأميركية في الشارقة، وكلية العلوم بجامعة الإمارات، وكلية العلوم، قسم الفلك والفضاء، في جامعة الملك عبدالعزيز في السعودية، وكلية العلوم في جامعة الأزهر بمصر، ومعهد الفلك وعلوم الأرض في جامعة آل البيت في الأردن، وقسم الفلك في كلية العلوم بجامعة بغداد في العراق، المدرسة الدولية لأوكايمدن للفيزياء الفلكية في جامعة القاضي عياض في المغرب.
يقول كاتب المقال أن مسبار الأمل، ليس مجرد مهمة فضائية، إذ أنه سيعطي للشباب العربي دفعة من الأمل بتحقيق حلمهم في دراسة علوم الفضاء، والتي غالبا ما تتصادم مع تحدي عدم تدريسها في الجامعات العربية.
ويشير إلى أن الشباب العربي الحالم بدراسة الفضاء، قد يجد نفسه أمام معضلة السفر والعيش في الخارج من أجل تحقيق هذا الحلم.
ويسأل قسوم: لماذا تتضاءل ميزانيات مشاريع الفضاء، فيما ترتفع للإنفاق العسكري؟، مشيرا إلى أن وجهة النظر المقابلة قد تسأل: ولماذا علينا أن ننفق الأموال في علوم الفضاء؟
ويقول قسوم، إن التوسع في علوم الفلك والفضاء في الجامعات العربية، يجب ألا يتم من دون الانخراط في صناعة الفضاء وأبحاثها، وهذا يتطلب أيضا بناء منظومة تعليمية في الدول العربية، وتنوير الشباب بأن السماء ليست الحد الأقصى للطموح.
ويؤكد أن أول ما على الدول العربية البدء فيه، هو إنشاء مرصد فلكي وتسلوكبات جديدة، والتي ليست مكلفة على الإطلاق، إذا ما استغلها الباحثون العرب للأبحاث والاكتشافات، مستدلا بذلك على مرصد أوكايمن الذي بني في المغرب وساهم في اكتشاف نظام سبعة كواكب بحجم الأرض، واكتشاف المذنب بوريسوف 5 والذي عبر النظام الشمي في 2019.
رحلة الأمل واستيطان المريخ
انطلقت عشرات المسبارات، معظمها أميركية إلى المريخ منذ الستينات، إلا أن عددا كبيرا منها لم يصل إليه، وعدد آخر فشل في الهبوط على سطحه.
وقد انخفض الدافع وراء استكشاف المريخ حتى قبل أقل من 10 سنوات، حين تم تأكيد أن المياه كانت تتدفق على سطحه.
وانطلقت، الاثنين، أول رحلة فضائية عربية إلى المريخ عبر مسبار "الأمل" الإماراتي من مركز تانيغاشيما الياباني، في رحلة تاريخية إلى الكوكب الأحمر، تهدف إلى استكشاف أجوائه.
والمهمة الإماراتية هي واحدة من ثلاث مهمات نحو المريخ، تشمل "تيانوين-1" من الصين و"المريخ 2020" من الولايات المتحدة، تستفيد جميعها من تموضع فضائي مؤات لإرسال دفعة جديدة من آليات البحث إلى المدار، أو إلى سطح الكوكب الأكثر استقطابا للاهتمام في المجموعة الشمسية.
وفي أكتوبر سيكون كوكب المريخ قريبا نسبيا من الأرض (62 مليون كيلومتر)، وفقا لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا".
وسيستغرق "الأمل" سبعة أشهر للسفر لمسافة 493 مليون كيلومتر إلى المريخ، ليبلغ هدفه في 2021.
كيف سيدرس #مسبار_الأمل مناخ كوكب المريخ؟ اطّلعوا على أبرز أجهزته العلمية.. وترقبوا انطلاقه إلى الكوكب الأحمر في 15 يوليو الجاري.#العرب_إلى_المريخ pic.twitter.com/XbPwRpiRz7
— MBR Space Centre (@MBRSpaceCentre) July 6, 2020
وعلى عكس مشروعي المريخ الآخرين المقررين لهذا العام، لن يهبط المسبار على الكوكب الأحمر بل سيدور بدلا من ذلك حوله لمدة عام مريخي كامل أي، ما يعادل 687 يوما.
وفي حين أن هدف المهمة تقديم صورة شاملة عن ديناميكيات الطقس في أجواء الكوكب وتمهيد الطريق لتحقيق اختراقات علمية، فإن المسبار جزء من هدف أكبر هو بناء مستوطنة بشرية على المريخ خلال 100 عام مقبلة.
ووظفت الإمارات مهندسين لوضع تصور للشكل الذين ستكون عليه مدينة على الكوكب الأحمر، ومن ثم إعادة إنشائها في صحراء الإمارة باسم "مدينة المريخ للعلوم" بتكلفة تبلغ 135 مليون دولار.
وتسعى الإمارات الغنية بالنفط إلى أن يكون المشروع مصدر إلهام للشباب العربي في منطقة غالبا ما تعاني من صراعات طائفية وأزمات اقتصادية، وقد أعلنت عن برنامج للفضاء فتحت أبوابه أمام الشباب العربي مدته ثلاث سنوات.
وقالت هند العتيبة مديرة الاتصالات الاستراتيجية في وزارة الخارجية إن "الأمل ملك لملايين الشباب في هذه المنطقة من الذين يتوقون إلى التقدم والإلهام والفرص".
وتابعت "إنه تحد مباشر لأولئك الذين يواصلون قمع هذه التطلعات".