أعدم الرئيس العراقي صدام حسين لإدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية فجر عيد الأضحى أمس السبت في نهاية عنيفة مثيرة لزعيم حكم العراق بالخوف على مدى ثلاثة عقود قبل أن يطيح به غزو أمريكي.

وقال مسؤول عراقي شاهد الإعدام لرويترز "كان الأمر سريعاً جداً.. مات على الفور".. وقال ان وجه الرئيس السابق كان مكشوفاً وأنه ظهر هادئاً ردد دعاء قصيراً في حين كان شرطيون عراقيون يقودونه إلى المشنقة ويحكمون الحبل حول رقبته.

وبثت محطات التلفزيون الرسمية نبأ الإعدام بعد قليل من الساعة السادسة صباحاً في حين كانت تكبيرات صلاة عيد الأضحى تتردد من المآذن وسط الظلام والبرد في بغداد.

وقال مسؤول كبير حضر تنفيذ الحكم لرويترز ان صدام "بدا هادئاً جداً.. لم يهتز".. وكان الرئيس السابق ( 69عاماً) مكبلاً لكن وجهه كان مكشوفاً وهو يتجه إلى حبل الإعدام.

وردد صدام الشهادتين ولم ينطق بشيء آخر بعدما اصطحبه شرطيون إلى المشنقة.

وصرح عضو البرلمان العراقي سامي العسكري مستشار رئيس الوزراء نوري المالكي، ان الرئيس العراقي السابق "فارق الحياة" فور تنفيذ الحكم بإعدامه شنقاً.

وقال العسكري الذي حضر اجراءات اعدام صدام حسين التي تمت في مقر دائرة الاستخبارات العسكرية في منطقة الكاظمية (شمال بغداد)، ان صدام حسين "اقتيد إلى الاعدام بعد ان تلي عليه الحكم من قبل احد القضاة وسأله قاض آخر ما اذا كان لديه شيء يقوله او يوصي به".

واضاف "هناك، طلب منه ان يتلو الشهادة. وبعدها وضع حبل المشنقة في رقبته ونفذ فيه حكم الاعدام ومات فورا. في اللحظة التي سقط فيها في الحفرة فارق الحياة".

واوضح العسكري ان الاجراءات جرت بحضور "مجموعة من اعضاء مجلس النواب والوزراء وبعض مستشاري رئيس الوزراء اضافة إلى القضاة وممثلي وزارة العدل"، بدون اعطاء المزيد من التفاصيل.

من جهة اخرى، قال العسكري ان مقر المخابرات هذا اختير لاعدامه "ربما لكونه الموقع الذي كان ينفذ فيه حكم الاعدام بحق قيادات وكوادر مؤيدي الحركة الاسلامية وخصوصاً حزب الدعوة الذين كانوا يعذبون ويعدمون في هذا المكان".

من جانبه، روى موفق الربيعي عملية تنفيذ الاعدام قائلاً انها "تمت بحضور قضاة ومدعين عامين وطبيب وشهود". واوضح ان "قوات التحالف جلبت صدام إلى المنطقة واستلمته القوات المسلحة العراقية وهو مقيد".

وتابع ان صدام حسين "ادخل بعد ذلك إلى غرفة ومعه القاضي ومدع عام وطبيب وشهود.. وتليت لائحة الادانة عليه وهو مقيد اليدين وممسك بالقرآن الكريم. وبعدها اقتيد إلى غرفة المقصلة".

وتحدث الربيعي عن "بعض المشادات الكلامية قبل صعوده إلى المشنقة لرفضه وضع كيس اسود على رأسه".

ووصف الربيعي صدام حسين في تلك اللحظة بأنه "كان ضعيفاً جداً بشكل لا يصور".

وكان الربيعي والقاضي في محكمة التمييز في المحكمة الجنائية العليا منير حداد، الذي حضر اعدام الرئيس السابق، اكدا ان "صدام حسين وحده اعدم".

واوضح الربيعي من جهته ان "اعدام برزان وبندر ارجئ إلى ما بعد عيد الاضحى".. مشيراً إلى انه "اردنا افراد هذا اليوم لاعدام صدام حسين قبل الدخول في ايام العطل الرسمية واجلت مسألة اعدام برزان التكريتي وعواد البندر إلى ما بعد العيد".

كما اعلن القاضي منير حداد الذي شاهد تنفيذ اعدام صدام حسين لوكالة فرانس برس، ان "صدام قال كلمة اخيرة مطالباً العراقيين "آمل ان تكونوا موحدين واحذركم من الوثوق بالايرانيين والمحتلين لأنهم خطيرين".

واضاف ان صدام قال "أنا لا أخشى أحداً".

وكانت المحكمة العراقية الجنائية العليا حكمت في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بالاعدام على الرئيس العراقي السابق صدام حسين بعد ادانته بقتل 148قروياً شيعياً مطلع الثمانينيات من القرن الماضي.

واكد الربيعي "اقول لكل العراقيين توحدوا وانسوا هذه الصفحة من تاريخ العراق لنعيش مع بعضنا".. معبراً عن امله في ان "يكون هذا اليوم العظيم يوم للوحدة الوطنية ويوم لتحرر الشعب العراقي".

وحول توثيق مشاهد اعدام صدام حسين اوضح الربيعي ان "المشاهد صورت منذ استلامه من قوات التحالف إلى القوات العراقية وحتى اللحظة الحالية".

واضاف ان "مسألة عرضها متروكة للسياسيين لان هذه مسألة حساسة ومهمة ولا نريد ان نثير بعض ابناء شعبنا".

ورأى الربيعي ان مسألة اعدام صدام حسين "قضية اقامة العدل".. مشيراً إلى "مئات الآلاف من اليتامى والأرامل في حلبجة والانفال والحرب مع ايران وغزو الكويت".

واكد ان "اكبر رمز من رموز الطغيان ذهب إلى غير رجعة وستفتح صفحة جديدة".

الى ذلك، بث تليفزيون العراقية صباح امس السبت أول لقطات لتجهيز الرئيس العراقي صدام حسين لتنفيذ حكم الاعدام.

وبث التليفزيون مشهدا يجري في إطاره تكبيل الرئيس العراقي ولف المشنقة حول عنقه.

ولم ينقل التليفزيون لحظة الاعدام.

وأظهرت المشاهد في البداية توقيع رئيس الوزراء نوري المالكي على قرار الاعدام باللون الاحمر إيذانا بالتنفيذ. ثم ظهر صدام مقادا إلى غرفة تنفيذ حكم الاعدام وهو موثوق اليدين وقد أحيط بعدد من الحراس الملثمين.

ثم بدأ الملثمون بوضع حبل المشنقة حول رقبته بعد أن وضعوا قطعة من القماش الاسود حول رقبته وهم يتكلمون معه.

وكان صدام حسين يرتدي معطفا اسود ولم يبد على وجهه الخوف أو التردد غير أنه بدا شاحبا.

كما عرضت قناة تلفزيون عراقية اخرى فيلما يصور جثمان الرئيس العراقي السابق صدام حسين في الكفن.

واوضح الفيلم الذي عرضته قناة بلادي التي يديرها شيعة صدام وهو يرقد ورقبته ملتوية وبقع دماء فيما يبدو أو كدمات على خده الأيسر.

من ناحية اخرى، دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بعد ساعات قليلة من تنفيذ حكم الاعدام بحق صدام حسين من اسماهم ازلام النظام البائد الى اعادة النظر في مواقفهم السياسية مؤكدا ان اعدام صدام لم يكن بدوافع سياسية.

وقال المالكي في بيان وزع امس انني أدعو باسم الشعب جميع المغرر بهم من أزلام النظام البائد أن يعيدوا النظر في مواقفهم فالباب لايزال مفتوحا أمام كل من لم تتلطخ أيديه بدماء الأبرياء للمشاركة في عملية اعادة بناء العراق الذي سيكون لكل العراقيين دون استثناء أو تمييز.وشدد على ان العراق الجديد لن يحكمه بعد اليوم حزب أو طائفة مضيفا اننا نرفض رفضا قاطعا اعتبار صدام ممثلا عن أي فئة أو طائفة من مكونات الشعب العراقي فالطاغية لايمثل الا نفسه الشريرة.

واضاف ان اعدام الطاغية يمثل درسا بليغا لكل الحكام المستبدين الذين يرتكبون الجرائم بحق شعوبهم وأن القمع والاضطهاد والقتل لن تنفعهم في البقاء في السلطة ولن توصلهم الا الى المصير الأسود الذي لاقاه من سبقوهم في انتهاك حقوق الانسان.

وقال المالكي لم يكن صدام حاكما شرعيا فقد استولى على السلطة بانقلاب عسكري وأشرف شخصيا على التصفيات الدموية وكان طريقه للسلطة ملطخا بالدماء وقائما على الدسائس والمؤامرات وهو ليس سوى رئيس عصابة احترفت الجريمة وعاثت في الأرض فسادا.

واوضح رئيس الوزراء ان انزال عقوبة الاعدام برأس النظام البائد لم ينطلق من دوافع سياسية فالقضاء العراقي أثبت طوال فترة المحاكمة كفاءته ونزاهته في محاكمة صدام وأعوانه.

وقال المالكي في حديثه الذي وجهه الى العراقيين ان أرضكم الطاهرة المعطاء قد تخلصت الى الأبد من دنس الدكتاتور وطويت صفحة سوداء من تاريخ العراق وخمدت أنفاس الطاغية لقد نفذت العدالة باسم الشعب حكم الاعدام بحق المجرم صدام الذي واجه مصيره مثل كل الطغاة مذعورا مرعوبا في يوم عسير لم يحسب حسابه.

واوضح ان صدام الذي نال جزاء ما اقترفت يداه الأثمة كان من أكثر الحكام المستبدين استخفافا بحياة الشعب فقد سن قوانين الاعدام الجائرة وارتكب جرائم ضد الانسانية فهو الحاكم الوحيد الذي استخدم الأسلحة الكيمياوية ضد شعبه وزرع المقابر الجماعية في طول البلاد وعرضها.

واضاف ان على الأجهزة الأمنية والعسكرية أن تكون على أهبة الاستعداد وأن تضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه أن يلحق الضرر بالمواطنين وممتلكات الدولة. وقال اننا على ثقة تامة بأن قواتنا المسلحة التي تحظى بدعم الحكومة والشعب ستتصدى بكل قوة وحزم لكل من يحاول زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.

ودعا المالكي في ختام بيانه الى طي هذه الصفحة المظلمة من تاريخ العراق والنظر الى الأمام لبناء العراق معا.من جانب آخر شهدت مدينة تكريت مسقط رأس الرئيس العراقي المخلوع تظاهرة احتجاج على تنفيذ حكم الاعدام به فجر امس السبت.

وتجمع المئات من أهالي المدينة أمام جامع صدام وسط مدينة تكريت الواقعة على بعد 180كيلومترا شمال من العاصمة العراقية بغداد وهم يهتفون بحياة صدام ويرددون شعارات طالما رددوها.

وطالب المتظاهرون الحكومة العراقية بتسليم جثمان صدام إلى ذويه فيما لم تتدخل قوات الشرطة في المظاهرة.