صمت الزوج ولامبالاته يجعلانه جارا لا شريك حياة

انعدام التفاهم واحترام الآخر يعرض العلاقة الزوجية للخلل.
الثلاثاء 2021/06/29
انشغال الزوج بأموره الخاصة يبعده عن عائلته

يشير خبراء علم الاجتماع إلى أن العلاقة الزوجية يجب أن تكون مبنية على مبدأ التفاهم والشراكة واحترام الآخر، وأن صمت أحد الطرفين ولامبالاته من شأنهما أن يقضيا على العلاقة الزوجية باعتبار أن الإهمال واللامبالاة من علامات الخلل في هذه العلاقة. وينصح الخبراء الزوجة بالعمل على إيجاد اهتمامات أخرى في الحياة كي تكون لها هذه الاهتمامات بدائل مستقبلية.

يؤكد مستشارو العلاقات الأسرية أن الطريقة التي يعامل بها كل زوج زوجته في الحياة اليومية هي السر الذي يقف وراء نجاح العلاقة الزوجية أو فشلها مثلما يقف خلف استمرار الحياة بينهما أو توقفها.

ويعد الإهمال والفتور في الحياة الزوجية من أصعب الأمور التي يعاني منها أغلب الأزواج حاليًا، وذلك بحكم الاستمرارية واستقرار أحوال الأسرة. لكن إذا زاد ذلك عن حده وشعرت المرأة بإهمال زوجها لها، خاصةً عاطفيًا، فقد يؤثر بشكل بالغ في حالتها النفسية، ويمتد ليشمل جميع جوانب حياتها، ما يشكِّل خطرًا على علاقتها بزوجها في المستقبل.

ويؤكد استشاريو الطب النفسي أن الإهمال واللامبالاة من علامات الخلل في العلاقة الزوجية، ويعرّفون اللامبالاة بكونها عدم إيلاء الأشخاص أو الأشياء اهتمامًا وعدم الاكتراث بهم، وقد تكون حالة فريدة أو متكررة عند الفرد ولها أثرها على علاقات الأفراد بالآخرين والعلاقات الزوجية.

ويرى المختصون أن من شأن اللامبالاة التأثير على الزواج والتسبب في إنهائه إذا لم يقم أي من الطرفين بمحاولة إنقاذ العلاقة؛ ذلك أنّ الخلافات الزوجية الأخرى غالبًا ما تنطوي على التعبير عن المشاعر السلبية كغياب الثقة وخيبة الأمل أو انكسار القلب أو غير ذلك، ورغم الصعوبة التي يواجهها الزوجان في ظل هذه المشكلات إلّا أنّ جميعها تعني أنّ كليهما يكترث بالآخر وتعنيه تصرّفاته وكلامه، على عكس اللامبالاة التي تعني التخلّي عن المشاعر بشكلٍ كامل تجاه الآخر، وعدم إبداء الاهتمام بأي أمر يتعلّق بالشريك. وتؤثر اللامبالاة على الزواج وقد تتسبب في إنهائه إذا لم يقم أي من الطرفين بمحاولة إنقاذ العلاقة وإنعاشها مجددًا.

ضياء المندلاوي: الصمت لا يتناسب مع طبيعة المرأة التي تحب المشاركة في الحديث
ضياء المندلاوي: الصمت لا يتناسب مع طبيعة المرأة التي تحب المشاركة في الحديث

وتقول رانية القفصي (أربعينية متزوجة وأم لطفلين) إن صمت زوجها ولامبالاته جعلاها تعتبره جارا لها لا شريك حياة، فزوجها لا يهتم بشؤون البيت وحاجيات أطفاله ولا يعرف حتى مقاسات أحذيتهم.

وقالت القفصي، لـ”العرب”، “زوجي يتصرف وكأنه لا يعيش معنا تحت سقف واحد، هو دائما مشغول البال وكثير التفكير ولا يأبه بأمور البيت”.

وأشار الدكتور ضياء المندلاوي إلى أن بعض النساء يعانين من مشكلة الزوج الصامت، وهذا الأمر لا يتناسب مع طبيعة الزوجة فهي تحب المشاركة والتحدث إلى زوجها في كل الأمور، ومهما كانت أسباب هذه المشكلة فإنها تؤدي إلى الجفاء العاطفي وفتور العلاقة بين الشريكين.

وقال المندلاوي الباحث الأكاديمي وأستاذ التربية وعلم النفس العراقي، لـ”العرب”، “قبل التطرق إلى أسباب الموضوع وطرق معالجته يجب التأكيد على أن الفضفضة عند الرجال أقل بكثير قياساً بالنساء، وهو ما أثبتته نتائج الدراسات العلمية في مجال التربية وعلم النفس”.

وبينت الدراسات أن التعبير عن المشاعر الإيجابية أو السلبية عند الرجال له طرق كثيرة غير الكلام، وأهم تلك الطرق الصمت والسكوت، لذا على الزوجة أن تستوعب هذا الأمر وتتفهم مواقف زوجها. أما عن أسباب الصمت عند الرجال فهي عديدة وفي مقدمتها أن بعض الرجال بطبعهم ميّالون إلى الصمت، فضلاً عن محدودية قدرة تحملهم لمشاغل الحياة، ذلك أنه عند حدوث مشكلة معينة أو عندما لا تجيد زوجاتهم أسلوب الحوار ويختلقن المشكلات يتجنبون التناقش معهن.

وتشير الإعلامية العراقية أسماء عبيد إلى ما يسمى بالخرس الزوجي أو الصمت بين الزوجين، وتشبّه الزوج الذي لا يتحدث مع زوجته بالحجر الجامد الذي لا حياة له وحاله كأي شخص غريب لا يمت للزوجة بصلة.

وتقول عبيد إن هناك نساء لا يتحدثن مع غرباء نهائيا، وليس كلهن؛ فربما بعضهن يصادفن غريبا يستمع لهن أكثر من الزوج الصامت الذي لا يهتم بمشاعر زوجته، وفي المقابل نجد ذلك الزوج الذي لا يحادث شريكة حياته متحدثا لبقا خارج البيت مع أصدقائه أو الفتيات اللواتي يقيم معهن علاقة. وهنا تكمن الطامة الكبرى إذ يتخوف على الزوجة من الانجراف مع الغريب الذي تقرب منها واستمع لها عوضا عن زوجها، لذا من الأجدر أن يستمع هؤلاء الأزواج لآراء ومشاكل زوجاتهم ويتوصلوا إلى حلها ويكسروا روتينهم اليومي تجنبا للملل.

Thumbnail

بدوره يشير المندلاوي إلى أن العلاقة الزوجية يجب أن تكون مبنية على مبدأ التفاهم والشراكة واحترام الآخر، ويجب أن يكون كلا الزوجين ملجأ عاطفيا للآخر وفي كافة المجالات، لتحقيق الراحة والتفاهم والشعور بالسعادة والمحبة.

ويرى المندلاوي أن الدور الأساسي يلقى على عاتق الزوجة بانتهاجها سياسةَ حوار جيدة وتشجيعها الرجلَ على الحديث وإبداء سعادتها بذلك، والتحادث معه في كافة الأمور بهدوء وعدم اختلاق المشكلات.

ومن الأفضل، وفق المندلاوي، أن تكون الزوجة مستمعة جيدة وتتجنب العناد والإلحاح في المناقشات، ومن الأمور المهمة أيضا تبادل الهدايا بين الزوجين في المناسبات.

وتقول سوزان فورو عالمة النفس إن الأسباب التي تدفع الزوج إلى معاملة زوجته بطريقة سيئة وكأنه يكرهها ويصمت عن الحديث أمامها سواء في البيت أو في الخارج تعود إلى البيئة التي عاش فيها الزوج.

أسماء عبيد: الزوج الذي لا يشارك زوجته اهتماماتها أشبه بالحجر الجامد
أسماء عبيد: الزوج الذي لا يشارك زوجته اهتماماتها أشبه بالحجر الجامد

وترى فورو أن الزوج الذي يكره زوجته بهذه الصورة غالبا ما يكون ضحية تعسف عاشه وسط أسرته، فعلى سبيل المثال عندما يشاهد الطفل أباه وهو يحقر أمه تظل هذه الصورة مطبوعة في خياله حتى عندما يتزوج فيعتقد أن تلك هي الطريقة المثلى للتعامل مع المرأة.

وتضيف أن هناك فروقا بين الكراهية والنفور؛ فالشائع أن يكون هناك نفور بين الزوجين في مرحلة أو أخرى من تاريخ زواجهما، لكن الكراهية هي درجة حادة وشديدة وتنطوي في الكثير من الأحيان على العدوان في شكل أذى بدني أو مادي أو نفسي أو معنوي.

وتؤكد أنه بمرور الوقت قد يحدث نفور بين الأزواج لعدة أسباب، بعضها قد يكون موضوعياً كعدم حرص كل طرف على أن يضفي معنى جديداً على حياة الآخر، ومن هنا تدخل العلاقة الزوجية طور الرتابة والملل، كما أن إهمال أحد الطرفين إظهار المودة للطرف الآخر -وهو المطلب الضروري في الحياة الزوجية- يجعل الحياة مملة ومحبطة للطرفين.

ويشير خبراء العلاقات الزوجية إلى أن هناك عدة طرق للتعامل مع الزوج الصامت وينصحون الزوجة بأن تتجاهل ذلك وترد عليه بطريقة تشعره بأنه هو الخاسر جراء هذا السلوك حتى تقطع عليه طريق الاستمرار في هذا السلوك. أما الاستجابة للعنف والاستكانة والاستسلام فهذا معناه أنها تؤكد له أن هذا السلوك سلاح قوي ضدها في حين أنه يجب أن يشعر بأن سلاح التكشيرة الذي يواجه به ضعفه أمام أولاده وزوجته سلاح فاسد لا يفيد وعليه التراجع عنه.

كما ينصحونها بالعمل على إيجاد اهتمامات أخرى في الحياة كي تكون لها هذه الاهتمامات بدائل مستقبلية، حتى لا تدخل في مهاترات وسلوكيات عدوانية مع زوج يصر على النكد والتجهم وتجاهلها في اتخاذ القرارات المصيرية. ولا شك أن الاهتمام بالهوايات والأولاد والصداقات وتجاهل العدوان الآتي من الزوج غير الطبيعي يجعلانه يغير سلوكه أو على الأقل يتوقف عن هذا السلوك العدواني وتنجح الزوجة الذكية في الخروج من محاصرة إطار النكد الذي يحاول أن يفرضه عليها.

21