أسباب نفور الزوج من زوجته بعد الولادة

العلاقة الزوجية

الزواج ليس مجرد تقليد اجتماعي، بل هو علاقة حب واتحاد روحي وجسدي بين الرجل والمرأة، فمهما كانت العلاقة الزوجية بينهما قائمةً على أساس التفاهم والتوافق الفكري والعقلي والمادي وأمور أخرى، إلا أن التوافق الجنسي بينهما يبقى له النصيب الأكبر والأهم على الإطلاق.

إن العلاقة الحميمة لها تأثير كبير على الصحة النفسية للإنسان وعلى أدائه في كل المجالات، فمهما كان الشخص ناجحًا وسعيدًا في عمله وإنجازاته وعلاقاته على كل الأصعدة سواء مع أقاربه أو أصدقائه إلا أن العلاقة الزوجية الجسدية تبقى المتحكم الأكبر بسعادته وإقباله على الحياة، ولأنها أساس العلاقة بين الزوجين، ويجب أداؤها بما يرضي الطرفين، وحدوث عكس ذلك أو أدائها بما لا يشبع الرغبات لديهما سيشعل شرارة الخلاف والمشاكل على الرغم من كل التوافق الذي يجمعهما في الجوانب الأخرى. تصل بعض علاقات الزواج إلى مرحلة ما تسمى الزواج من غير جنس، وهي مرحلة عصيبة يصبح فيها الزوجان لا يمارسان العلاقة الحميمة إلا ما ندر وبشكل مرتب ومخطط له مسبقًا، ولأن الجنس أهم الأمور التي تعزز العلاقة بين الزوجين فإن غياب العلاقة الحميمة سيودي بعلاقتهما إلى الفتور.

توجد أوقات محددة يصبح فيها الجنس بالنسبة للزوجين نوعًا من الرفاهية ولا يمارس إلا في أوقات قليلة، مثل الفترة التي تعقب ولادة الزوجة، وسواء أكان هذا مولودها الأول أم لا، يشعر بعض الأزواج تجاه زوجاتهم بالنفور وعدم الرغبة بممارسة العلاقة، مما يثير استياء الزوجة وحزنها وقد يقودها لاكتئاب مضاعف إضافةً لما تشعر به بسبب ألم الحمل والولادة والمسؤولية الجديدة التي تتحملها بقدوم هذا المولود^[١].

تحول الحياة الزوجية بعد الولادة

إن قدوم المولود الأول إلى الأسرة يعطي إشعارًا للزوجين بأن علاقتهما كثنائي رومانسي قد انتهت، وبدأت العلاقة الحقيقية وصورة الأسرة المصغرة، وهذا كله له آثار إيجابية وسلبية على كل من الزوجين، فصحيح أن قدوم المولود سيعطي معنى جديدًا للحياة وسيشعر كل من الأبوين بالمسؤولية وخلق هدف جديد للحياة، ولكن في كثير من الحالات سيكون لهذا تأثير سلبي جدًا على العلاقة الحميمة، والمشكلة ليست لدى طرف واحد دون الآخر، بل هي لدى الطرفين غالبًا، فقد تتمثل بإهمال الزوجة لزوجها وانشغالها بالمولود الجديد، وقد تتمثل بنفور الزوج من زوجته بعد الولادة لأسباب مختلفة ومتنوعة.

بالنسبة للزوجة قد تفتر لديها الرغبة بإقامة العلاقة الحميمة مع زوجها، ليس لأنها لم تعد تحبه أو لأنه لم يعد يجذبها كما كان من قبل، ولكنها أصبحت تشعر بالكثير من المسؤولية تجاه الطفل وبأنها يجب ألا تنشغل عنه وأن تكرس كل وقتها له، كما أن عاطفة الأمومة تجرفها إلى أن تُضحي براحتها واستمتاعها من أجل أن يكون هو بخير، ولا ننسى المسؤوليات التي زادت والتغير في برنامج النوم والغذاء ونظرتها لنفسها وشكلها، والاضطرابات النفسية الهرمونية التي تصاحب الولادة عادةً، كلها لها تأثير في نفور الزوجة من ممارسة العلاقة مع زوجها مما ينعكس عليه هو أيضًا^{[٢] [٣]} .

أسباب نفور الزوج من زوجته بعد الولادة

في بعض الأحيان يُعرِض الزوج عن ممارسة العلاقة الجسدية مع زوجته لأسباب كثيرة، وغالبًا ما تفسرها الزوجة أنه نفور منها، ولكن في كثير من الأحيان لا يكون هذا النفور نفورًا منها ومن شخصها، بقدر ما هو نفور من العلاقة ذاتها، وهذا يمكن إرجاعه لعدة أسباب من بينها ما يأتي^[٤]:

• تغير شكل الزوجة وجسمها، فالمرأة غالبًا بعد الحمل والولادة تصبح أثقل وزنًا مما كانت عليه، كما أن جسمها يصبح مترهلًا وغير مشدود كما كان في السابق، الأمر الذي قد يُنفر الزوج من معاشرتها كما في السابق.
• عدم الممارسة خلال الحمل، فكثير من الأزواج يعتقدون أن الممارسة خلال الحمل قد تؤذي الزوجة أو الطفل، ولا يعلمون الطريقة الصحيحة التي يمكن بها ممارسة العلاقة خلال هذه الفترة، فيمتنعون عنها طوال أشهر الحمل، وبعد الولادة يمتد معهم هذا الامتناع من باب التعود.
• نفور الزوجة من زوجها يشعره بعدم الاهتمام ويفقده الثقة بنفسه مما يدفعه للنفور هو أيضًا.
• ظهور الوليد الجديد الذي غالبًا ما ينام مع الأهل على نفس السرير مما يُصيب الزوج بالانزعاج.
• عدم اهتمام المرأة بزوجها ومداعبته من حين لآخر، وتركيز كل اهتمامها على المولود الجديد، وهي بذلك تُنفر زوجها بطريقة غير مباشرة من ممارسة العلاقة الحميمة معها.
• زيادة الأعباء على كاهل الزوج بسبب ازدياد عدد أفراد الأسرة والحاجة لمال أكثر وعناية ورعاية أكبر وبالتالي ساعات عمل أكثر؛ مما يُضعف رغبته بالممارسة الجنسية واعتبارها نوعًا من الرفاهية.
• انشغال الأم طوال النهار والليل مع المولود الجديد مما يحعلها متعبةً طوال الوقت.
• حضور الزوج ولادة زوجته، فكثير من الرجال يطلبون حضور ولادة زوجاتهم، وهذا الأمر قد يُشعر الزوجة بالأمان والراحة، ولكنه في المقابل يجعل الرجل يرى كل مراحل الولادة والتغييرات التي تحدث في جسد زوجته خلال الولادة، وكلها قد تبدو أمورًا منفرةً بالنسبة له حتى لو لم يُظهر هو ذلك، كما أن حضور الولادة ومعايشة ألم الزوجة أثناءها يعطي الرجل شعورًا بتأنيب الضمير بأن الممارسة كانت السبب في الحمل والمعاناة التي تعيشها الزوجة، مما يدفعه للإحجام عنها.

تصحيح العلاقة بين الزوجين

على الرغم من كل التغيرات والظروف التي قد تواجه الزوجين، إلا أنَّ عليهما أن يعملا بجد لجعل العلاقة أجمل، وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الحمل والولادة، ومن الأمور التي يمكن فعلها ما يأتي^[٥]:

• تحديد موعد لممارسة العلاقة والتمسك به، فكلا الزوجين أصبح يرى أن هناك التزامات تشغل وقت كليهما، ومن أجل هذا فإنه من الأفضل وضع ممارسة العلاقة على جدول المهام كباقي الأمور الأخرى إلى أن يعودا لممارستها كما في السابق.
• استغلال الأوقات التي ينام فيها الطفل لعمل جلسات رومانسية أو الخروج إلى أماكن تذكرهما باللحظات الجميلة التي قضياها مع بعضهما البعض.
• إظهار العاطفة باستمرار وفعل أشياء تذكر الطرف الآخر أن شريكه ما زال يحبه وكذلك تذكر المناسبات والاحتفال بالمناسبات وتقديم الهدايا.
• إعطاء الزوج يوم إجازة ليقضيه مع أصدقائه ويمارس كل هواياته بعيدًا عن جو المنزل ليعود بنفسية جديدة وهو مشتاق لزوجته وللجلوس والتحدث معها وقضاء أجمل الأوقات.
• الاتصال كل يوم بالشريك والسؤال عنه في العمل ليشعر بوجود الزوجة دائمًا إلى جانبه وأن المولود لم يؤثر على علاقتهما.
• مراجعة طبيب نفسي لعلاج الزوجة من حالة الاكتئاب التي تصيب السيدة بعد الولادة.
• اهتمام السيدة بنظافتها ورائحتها، كي لا ينفر الزوج من جماعها، ومحاولة إغرائه وارتداء الملابس التي تلفته وتجذبه إليها والتي تخفي الأشياء التي لا تحب أن تظهر في جسمها.
• تناول الأدوية المنظمة للهرمونات بعد استشارة الطبيبة المتابعة للحالة، وتجنب الإتيان بأي تصرف من هذا النوع دون استشارة الطبيب المختص.

المراجع

 

1. ↑ Suzanne Wright, "365 Nights of Sex: Can It Strengthen a Marriage?"، webmd, Retrieved 2019-10-6. Edited.
2. ↑ "8 Marriage Issues You'll Face After Baby and How to Solve Them", parents, Retrieved 01-10-2019. Edited.
3. ↑ "My husband has lost interest in sex since our baby's birth. What should I do", babycenter, Retrieved 01-10-2019. Edited.
4. ↑ "How Come My Husband Doesn't Find Me Attractive After Baby?", guystuffcounseling, Retrieved 01-10-2019. Edited.
5. ↑ Natacha V. Beim (21-10-2018), "5 Steps to Keeping the Romance Alive After Baby is Born"، workingmother, Retrieved 01-10-2019. Edited.