إن أبو هريرة -رضى الله عنه- هو الصحابي الجليل الذي وثَّق به النبي -صلى الله عليه وسلم- وأكرمه باختياره ليكون رفيقًا له في حياته اليومية وأثناء سفره، ومن هنا جاءت شهرة أبو هريرة بنقله الكثير من الأحاديث النبوية الجليلة والتي احتوت على توجيهات ووصايا عظيمة، ومن بين هذه الأحاديث، الحديث الذي نحن بصدده الذي يشمل خمس وصايا جامعة نافعة، وسنقف مع كل وصية من هذا الحديث وقفة خاصة لنستمد منها الفوائد العظيمة التي تساعدنا في حياتنا اليومية وتقربنا من رضى الله -عز وجل-

حديث من يأخذ عني خمس كلمات كامل

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهنّ أو يعلمهنّ من يعمل بهنّ؟)، قال أبو هريرة: فقلت أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي فعدّ خمسًا، قال: (اتّق المحارم تكُن أعبدَ النّاس، وارضَ بما قسَم الله لك تكُن أغنى النّاس، وأَحسن إلى جارك تكُن مؤمنًا، وأحِبّ للنّاس ما تحبّ لنفسك تكن مُسلمًا، ولا تُكثر الضّحك فإنّ كثرةَ الضّحك تُمِيتُ القلب).

رواه أحمد، والتّرمذي، وحسّنه الألباني.

شرح الحديث النبوي الشريف

هذا الحديث يحمل خمسة وصايا وشرح هذه الوصايا كما يلي:

  • الوصية الأولى: احترام المحارم هو الوسيلة لأن يكون المرء من أعبد الناس، وذلك باتباع كتاب الله وسنة نبيه في تجنب كل ما هو محظور كالشرك والسرقة والزنا والكذب وعقوق الوالدين. 
  • الوصية الثانية: لتكون أغنى الناس، عليك أن ترضى بما قسمه الله لك وتصبر على ما قدّره لك، فالرضا هو المفتاح للسعادة والثروة الحقيقية، فالكثير من الناس يمتلكون الثراء المادي، لكنهم يشعرون بالفقر الداخلي؛ لأنهم يطمعون في المزيد، الرضا يجعلك مستغنيًا عن الناس ويجلب لك السعادة والثراء والحرية، ومن لا يرضى بما لديه فلن يشبع أبدًا وسيعيش في التعاسة.
  • الوصية الثالثة: من أكثر الأشياء التي تقربك إلى الله -عز وجل- هي الإحسان إلى جارك، وذلك بالتقرب منه وإن أراد منك شيئًا فلا تردد في خدمته، والجيران يُقسمون إلى ثلاثة: جار قريب مسلم، جار مسلم غريب، وجار كافر، وكل واحدٍ منهم له حقوق الجوار، ففي الإسلام للجار حق عظيم، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يوصي بهذا الحق دائمًا.
  • الوصية الرابعة: أحب للناس ما تحب لنفسك هو كمال الإسلام، وذلك بأن تتمنى الخير للآخرين كما تتمناه لنفسك، فلا تحقد على أحد ولا تتمنى زوال النعمة من أحد.
  • الوصية الخامسة: تنص الوصية الخامسة على تجنب كثرة الضحك؛ فالضحك يأتي بعد فهم ومعرفة، لكن إفراطه يورث ظلمة في القلب ويؤدي إلى الموت، والإسلام يرحب بكل ما يجعل الحياة باسمة، لكن المنهي عنه هو الضحك المفرط لأسباب أخلاقية لا يرضاها الإسلام.

أثر العمل بهذه الوصايا على الفرد والمجتمع

يتمثل أثر العمل بهذه الوصايا فيما يلي:

  • تحقيق العبودية لله يأتي بمحبة الله ورسوله، والابتعاد عن سخط الله -عز وجل-.
  • يجب أيضًا نيل محبة الناس وودهم والسعي للرفعة والمنزلة بينهم، ولكي يصل المرء إلى هذه المراتب، يجب التفاني في عمل الخير وتحقيق قيم التعاون والمساعدة في المجتمع.
  • وكما يذكر الإسلام، فإن تحقيق هذه الأهداف يؤدي في النهاية إلى الدخول في جنات النعيم.